Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

جيل الشبهة


جيل الشبهة

في الحلقة الماضية، كان الحديث عن جيل الشَّهوات، وفي هذه الحَلْقَةِ نعيشُ مع مفهوم جيل الشبهة: من هم؟ وكيف يتعاملُ الداعية معهم؟

 

وهم غالب أهلِ الجاهليَّة في زمن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقد كان العرب وثنيِّين يعبدون أصنامًا، وكان العربيُّ عزيزَ النفس، قويًّا، معتدًّا بقومه وبنفسه، فكيف وصل إلى هذه الدَّرجة من التدنِّي، أنْ يعبدَ صنمًا يصنعه بيده ويأكله إذا جاع؟! إنَّما عبدوها؛ لتقرِّبهم إلى الله بزعمهم.

 

وجيل الشبهة فائرُ العزيمة، قويُّ الإرادة، شجاعٌ كريمٌ صلبٌ، فيه رجولة، ودعوة هذا الجيل تحتاج إلى علم، ومتى التزم بشرع الله فسينفعك كثيرًا.

 

ومثالُ هذا الجيل عمر – رضي الله عنه – جبار الجاهلية، عادل الإسلام، صورة الرجل الذي لا يعرفُ المجاملة في الحقِّ، نراه في الجاهليَّة يعذب المستضعفين من الصَّحابة، ويدفنُ ابنته حيَّة، ثُم نراه في الإسلام في صورتين مشرقتين، وكل حياته مشرقة – رضي الله عنه.

 

يُسلم، فيرفض أن يكونَ إسلامه سرًّا، فينتقي من القوم أكثرَهم فضحًا للأسرار، فيُسِرُّ إليه بإسلامه، ويتبعه ليواجه مكَّة بأسرها، يَمُرُّ على أقاربه سادة قريش؛ ليخبرهم بإسلامه؛ رغبةً منه في مواجهتهم وليتحداهم، يهاجر فيرفض أن تكونَ هجرته سرًّا، ويذهب إلى أندية قريش يعلن مَوْعِدَ هجرته، ويطلب ممن أراد اللِّحاق به ومَنْعه أن يقابلَه؛ ليُحاول ذلك.

 

هكذا، في لحظةٍ واحدة تتحول حياته، وتتكسر كلُّ الشُّبَهِ التي أمامه، لم يكنْ يُريد من الجاهليَّة المال، ولم يكن يريد المنصب، ولم يكن صاحبَ شهوة ونساء؛ ولذلك أسلم وكان نموذجًا متميزًا.

 

وقد يُواجه الداعية شخصًا يَحمل من هنا وهناك شبهة وشهوة؛ ولكن سيكون من السهل التمييزُ، وسيجد الصُّعوبة في معالجة داءِ الشهوات، أمَّا جيلُ الشبهة فيعتمد على المخاطبة الواضحة للعقل، ومناقشة الشُّبهة بالدليل المكتمل، وسَدِّ منافذ الشَّكِّ التي في نفسه، وعندها ينطلق في مراقي الإيمان.

 

إنَّ صحابةَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واجهوا الدَّعوة بقوة، وقاتلوه وقتلوا بعضَ أصحابه، ثُمَّ آمنوا وبذلوا للدَّعوة أضعافًا كثيرة، وكان الواحد منهم يصلُ إلى مستوى الإحسان في إيمانه، فلنُنْعِمِ النَّظَرَ في تعامُلِه – صلى الله عليه وسلم – معهم، وَلْنَرَ كيف تعالج الأمور بالعلم الصحيح، ولنَكُن في دعوتنا كالطبيب الذي يتتبع مواطن الدَّاء؛ ليعطيَ لها ما يناسِبُها من دواء، والله يَتَوَلَّى التوفيق.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى