فتح مصر.. حكاية حصن بابليون وسبب تسميته بهذا الاسم
ثقافة أول اثنين:
تمر اليوم الذكرى 1383 على فتح المسلمين لمصر فى 16 أبريل من عام 641م، الموافق 22 هـ، إيذانًا ببداية الدعوة الإسلامية فى مصر، وذلك فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ثانى الخلفاء الراشدين، وذلك بعد اقتراح من عمرو بن العاص، بتمكن المسلمين من فتح الشام وبيت المقدس، وكان سقوط حصن بابليون “آخر معاقل الدولة البيزنطية”.
ويعتبر الحص المذكور هو حصن قديم يقع في مدينة القاهرة، تحديداً في منطقة القاهرة القديمة بجانب المتحف القِبطي، يُعدّ الحصن من أعظم الحصون الشاهدة على الحضارة الرومانية التي قامت في مصر، وهو من أعظم القلاع التي بَنَتْها الإمبراطورية، كما يُعدّ المركز الذي بُنِيَت عليه مدينة الفسطاط، ولاحقاً مدينة القاهرة.
تذكر بعض المصادر التاريخية أن اسم الحصن “بابليون” جاء منذ عهد الفراعنة نسبة إلى أسرى بابل الآسيوية، وترجح أغلب المصادر التاريخية أن «تراجان» أحد أباطرة الرومان هو الذي اهتم بإعادة بنائه في بداية القرن الثاني للميلاد، ويقال أن الفرس أطلقوا عليه اسم “قصر الشمع”، وذلك أنه كانت للمصريين عادة قديمة، حيث كانوا يوقدون الشموع على أبراج الحصن بداية كل شهر شمسي، ويقومون بمراقبة مطالع الشمس ومغاربها وتنقلها بين المنازل والأبراج الفلكية.
وبحسب كتاب “فتح مصر” لألفريد بتلر، فأن تاريخ إنشاء حصن بابليون هو الإمبراطور الروماني “تراجان” في العام المُتمم للمائة من الميلاد. وقد جاء في ديوان حنا النقيوسي أن اليهود في ذلك العصر قد ثاروا بالإسكندرية مرة، فأرسل إليهم “تراجان” جيشًا عظيمًا وجعل أميره “مرقيوس تربو”، ثم جاء بنفسه إلى مصر، وبنى بها حصنًا، وجعل فيه قلعةً منيعةً قوية، وجعل فيها ماءً كثيرًا. ولعل هذه الكلمة الأخيرة يقصد بها ما حفره من الآبار عند الصرح المستدير وفي مواضع أخرى من الحصن، ثم قال بعد ذلك إن أصل ذلك الحصن كان بناءً أقامه «بختنصر» وسمَّاه باسم عاصمة ملكه «بابليون»، وذلك عندما غزا مصر، فأقام تراجان أسوار الحصن على أساسه وزاد في بنائه. وعلى كل حال فلا شك في أن البناء القائم اليوم بناءٌ روماني، ولا نظن أن تراجان جعل بناءه على نسقٍ كان في ذلك الموضع من قبل.
وعدد “بتلر” في كتابه سالف الذكر الروايات التاريخية المختلفة عن أصل الحصن وسبب تسميته، حيث أكد أن المؤرخ والفيلسوف اليوناي سترابو ذكر أنه جاء إلى مصر قبل عهد تراجان بنحو مائة وثلاثين عامًا، وقد ذكر أنه رأى حصنًا قويًّا على نهد من الصخر، وقال إن السبب في تسميته أن جماعة من أسرى بابل كانت مُقيمة فيه. وقال تيودور إن ملك مصر “سيزوستريس” جاء بجماعة من أسرى البابليين وأنزلهم في قصر، فأطلقوا على القصر اسم المدينة التي جاءوا منها. ويقول المؤرخ “يوسفوس” إن الحصن لم يُبنَ إلا في أيام غزوة الفرس في حكم الملك قمبيز. وقال “ابن بطريق” إن “آخوس”، وهو “أرتخشيارش أوخوس”، هو الذي بنى الحصن.