علي بك الكبير.. أمير الكر والفر لماذا عاش حياته هاربا؟
ثقافة أول اثنين:
تمر اليوم ذكرى هروب علي بك الكبير أحد الأمراء المماليك في العصر العثماني، من مصر إلى الشام بعد فشل محاولته في الانقلاب على الدولة العثمانية التي كانت مصر إحدي ولايتها، وذلك في 13 أبريل عام 1772، حيث كان الأخير حاكما على القاهرة في وقت العثمانيين وكان يلقب بشيخ البلد.
ويبدو أن مسيرة علي بك الكبير في الوصول إلى الحكم أو حتى بعد جلوسه على كرسي شيخ البلد لم تكن هادئة أبدا وظل بين الكر والفر بينه وبين أمراء المماليك الآخرين من أعدائه الذين كانوا ينافسونه على الوصول إلى منصب شيخ البلد، فبعدا عن هروبه من مصر بعد محاولة خروجه من الدولة العثمانية فأن علي بك عاش وضع كبير من الهروب والعودة من وإلى مصر بسبب منافسته مع أمراء المماليك التي لم تنتهى حتى موته.
ويذكر الكاتب جورجي زيدان في كتابه “مصر العثمانية” أنه بعد مقتل مولى علي بك الأمير إبراهيم كخيا على يد إبراهيم الشركسي، لم ينسى علي بك أميره وظل في يخطط للأخذ بثائره فأخفى ما في ضميره ثماني سنوات، اشتغل في أثنائها بجمع القوة، فابتاع عددًا وافرًا من المماليك، ووطد علائقه مع البكوات الآخرين واكتسب ثقتهم بما كان يُظهره من الغيرة عليهم والإخلاص لهم، إلا أن خليل بك شعر بالغيره منه فحاول قتله لكن علي بك استطاع الهرب إلى الصعيد مع مجموعة من أصدقائه البكوات، يستعد للانتقام مضاعفًا.
ويوضح “زيدان” أن علي بك في الصعيد استطاع أن يتحد مع واحد من مماليك “مصطفى أنور” يدعى “صالح بك” كان قد هرب هو الآخر إلى الصعيد، فاتحد الاثنان ورجالهما وزحفا على “القاهرة” فخرج خليل بك وحسين بك كشكش على رأس جيش كبير لكن على بك استطاع الهرب، وقتل حسين كشكش، وبعد هروب خليل بك إلى طنطا أرسل إليه تابعه محمد أبو الدهب الذي استطاع القبض عليه وإرساله إلى الإسكندرية وهناك قتل وتم إرسال رأسه إلى القاهرة.
متاعب علي بك لم تنتهى عند ذلك الحد، لأنه بعد الانتصار على خليل بك ورغم وصوله إلى منصب شيخ البلد لكنه أمر سريعا بقتل إبراهيم الشركس قاتل سيده، فثار عليه اتباع الشركسي يطلبون الانتقام، وهم عديدون، فخاف علي بك على حياته ففر إلى «سوريا» والتجأ إلى متسلم (حاكم) بيت المقدس.
لكن يبدو أن أتباع الشركسي عرفوا بمكان اختبائه فأرسله إلى السلطان العثماني الذي بعث إلى حاكم بيت المقدس بأن يرساله إلى الباب العالي، فعلم «علي بك» بذلك، ففر إلى «عكا»، وهناك اكتسب صداقة الشيخ «ضاهر العمر» أمير تلك المدينة الحصينة، وبمساعدة نصرائه من أصدقاء «إبراهيم كخيا» اكتسب له العفو من الحضرة السلطانية، فألغيت الأوامر بالقبض عليه، وأعيد إلى «القاهرة» بمنصبه الأول، وكان ذلك بمساعدة راغب بك الذي أصبح صدرا أعظم للدولة العثمانية – منصب يشبه رئيس الوزراء في الوقت الحالي – ولم ينسى صداقته مع علي بك الذي ساعده كثيرا وقتما كان يعمل مساعدا له.
لكن مع وفاة الوزير محمد راغب باشا، أصبح علي بك في حاجة لمن يساعده بعد وفاة صديقه المخلص، فاغتنم أعداؤه هذه الفرصة، ووشوا به إلى الآستانة، فاضطر أن يفر إلى اليمن. ولم تأتِ سنة 1180 هجرية حتى عاد إلى القاهرة، واسترجع منصبه بمساعدة أحزابه وموت أربعة من دعاة «إبراهيم الشركسي.