الحملة الفرنسية على مصر.. معركة جيش نابليون مع المماليك في إمبابة
ثقافة أول اثنين:
تحل اليوم ذكرى عد اتفاق مصالحة بين الجنرال الفرنسي كليبر أحد قادة الحملة الفرنسية ومراد بك قائد المماليك في الصعيد وهو الاتفاق الذى جرى في الخامس من إبريل عام 1799.
ويذكر كتاب مصر من الفتح العثمانى إلى قبيل الوقت الحاضر لسليم حسن وعمر الإسكندري أن مراد بك استعد للقاء الفرنسيس ببلدة «أُنبابة» من أعمال الجيزة وخندق بها، ونصب المدافع أمام عسكره مخافة أن يحصل له ما حصل بشبراخيت يوم هاجم الأعداء بفرسانه من غير المدافع.
وقد كانت تجزئة المماليك لقواهم على الوجه المتقدم من أكبر غلطاتهم؛ إذ كان خير طريقة لهم أن يجمعوا كل قواهم على الشاطئ الشرقي وينتظروا قدوم العدو، فيضطروه إلى عبور نهر النيل العظيم، فيهاجموه مجتمعين أثناء عبوره، ولكنهم غفلوا عن ذلك كما غفلوا عن غيره من الحيل الحربية، واعتمدوا على شجاعتهم وانتصاراتهم القديمة، ونسُوا أنهم إنما يحاربون دولة في مقدمة دول أوروبا؛ لها من الدراية بالفنون الحربية الحديثة ما تذوب أمامه كل شجاعة، ويفنى به كل استبسال.
وصل نابليون إلى «أنبابة» فرأى المماليك أمامها في انتظاره، وقد ملَئُوا الجو بصياحهم وحماستهم، وبريقُ دروعهم وملابسهم المطرزة بالقصب يتلألأ في الشمس فيزيد منظرهم روعة ومهابة، ورأى وراءهم الأهرام تتجلَّى في الصحراء وتُذكِّر القادم بأنه في أرض الفراعنة الأقدمين، فأشار إليها وقال محرضًا جنوده على القتال:
أيها الجند، إن أربعين قرنًا تنظر إليكم من قمة هذه الأهرام فكانت هذه الكلمة من أشهر كلماته المأثورة.
ورأى نابليون أن المماليك يتأهبون لمهاجمته من الأمام كعادتهم، فقسَّم جيوشه فِرَقًا، كلٌّ منها على شكل مربَّع مجوَّف، وساقها على المماليك على هيئة هلال؛ يستعد وسطه للقاء قلب المماليك، ويحيط طرفاه بجناحيهم.
فأدرك مراد بك قصده، فأمر أبسل قوَّاده «أيوب بك الدفتردار» أن يهاجم الفرقة التي أرادت الالتفاف حولهم من الغرب، فانطلق أيوب بك على الفرنسيس برجاله انطلاق السهام، فأفسح لهم هؤلاء الطريق حتى صاروا في وسط المربع، ثم أصلوهم نارًا حامية من ثلاث جهات، ففتكوا بهم فتكًا ذريعًا.
ثم هجم قلب الجيوش الفرنسية على خنادق المماليك واستولَوْا عليها برءوس الحراب، وساقوا فرقة أخرى للإحاطة بالمماليك من الشرق، فلما رأى مراد بك أن الفرنسيس كادوا يحيطون به، وأن طرفَي هلال جيوشهم آخذان في الاقتراب، بادر بالتقهقر، واضطُر إلى ترك مئات من رجاله في الميدان، فحصرهم الفرنسيس بينهم وبين النهر، وما زالوا بهم حتى أفنوهم قتلًا وغرقًا.
ولم يستطع مراد بك بعدُ استئناف القتال، فأسرع إلى منزله وأخذ ما قدر على حمله من المال والنفائس، وقصد إلى الصعيد.