محمد مصطفى المراغى.. صديق الإمام محمد عبده رائد الإصلاح بالأزهر
ثقافة أول اثنين:
محمد مصطفى المراغى الإمام المصلح المجدد المستنير، رائد الإصلاح فى الأزهر والقضاء الشرعى، صاحب فكرة إنشاء الجامعة الأزهرية، شيخ الجامع الأزهر.
ولد المراغى فى 9 من مارس عام 1881، فى قرية المراغة التابعة لمدينة جرجا فى محافظة سوهاج، يتصل نسبه للحسين بن على رضى الله عنهما.. ووالده الشيخ مصطفى المراغى أحد أعيان قريته، وكان مُحِبًّا للعلم، إذ شجَّع أبناءه عليه.
التحق المراغى بالأزهر وهو فى الحادية عشر من عمره، لكنه لم يكتفِ بدراسة العلوم الشرعية، فدرس الفلسفة، والجغرافيا، والكيمياء… ولم يواجه صعوبة في دراسة علوم الأزهر والعلوم الأخرى؛ إذ كان يتميز بسرره الفَهم وسِعة الاطلاع.. لكنَّ دراسته تلك لم تعجب بعض شيوخ الأزهر؛ إذ أن بعضهم كان يرى أنها علوم لا تنفع.
اتصل بالإمام محمد عبده، وربطت بينهما علاقة وثيقة، ولم يبخل عليه الإمام بعلم أو نصيحة، بل إنه عندما لاحظ نبوغه وتميزه، نصحه بالتقدم للحصول على شهادة العالِمية من الأزهر، وهي بمثابة الدكتوراه في الجامعات.. وحصل عليها وهو في ال23 من عمره، وكان أصغر طالب يحصل على تلك الدرجة بالمرتبة الثانية.
بدأ التدريس في الأزهر بعد حصوله على شهادة العالِمية، لكنه تركه بعد 6 أشهر؛ إذ رشحه الشيخ محمد عبده، ليكون قاضيًا شرعيًا في السودان.. لكنه غادرها بعد 3 سنوات، بسبب خلاف بينه وبين السكرتير القضائي.
عمِل المراغي بعد عودته مديرًا لتفتيش المساجد بالأوقاف، فاهتم بأسلوب أئمة المساجد في دعوة الناس وتعليمهم الدين الصحيح.
وفي أغسطس 1908م عرضت عليه الحكومة السودانية أن يكون قاضيًا لقضاة السودان، وعمره لم يتجاوز السابعة والعشرين، ولم يقبله إلا بشروطه، فقد اشترط أن يكون قرار تعيينه من خديوى مصر، لا من حاكم السودان الإنجليزي، وقد طال المقام به فى السودان حتى غلبه الحنين إلى مصر، فنقل الى مصر فى ستمبر 1919م بوظيفة رئيس للتفتيش الشرعي – أي رئيس للمفتشين بمحاكم مصر الشرعية – وفي يونيو 1920م عين رئيسًا لمحكمة مصر الشرعية، وظل بها حتى يناير 1921م، ثم عُين عضوًا بالمحكمة العليا الشرعية وبقى بها حتى ديسمبر 1923م، ثم أصبح رئيسًا لمحكمة مصر الشرعية العليا.
وفي 22 مايو 1928م عُين المراغي شيخًا للأزهر، فاجتهد لإصلاح الأزهر ورعاية شئونه والنهوض به إلى المستوى الذى كان أستاذه الشيخ محمد عبده ينشده له ويجاهد في سبيله، فلم يمض عام حتى هيأ قانون الأزهر الذى جعل من التعليم العالي كليات ثلاث وشرع نظام التخصص الجديد، ولكن وقع اختلافًا حول هذا القانون مما أدى الى وقفه، واستقالة المراغي في 10 أكتوبر 1929م. وعاد المراغي الى مشيخة الأزهر للمرة الثانية في 27 أبريل 1935م، وصدر في عهده القانون رقم 26 لسنة 1936، وقد ألغى به القانونين الصادرين في سنة 1923 وفي سنة 1930، وقام بإنشاء لجنة الفتوى وقسمًا خاصًا للوعظ والإرشاد لنشر الثقافة الإسلامية في الأقاليم.
كان المراغي معتزًا بنفسه، يهتم بمظهره؛ آخذًا بقوله تعالى: “قل مَن حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق”، لكنه كان متواضعًا، يعطف على الفقراء والمساكين ويُجالِسهم.. وكان يضع مصلحة المسلمين فوق كل شيء.
ظل الشيخ المراغي متابعًا للإصلاح حتى لقى ربه وتوفى في عام 1945م، وبالتحديد في منتصف ليلة الأربعاء 14 رمضان 1364ه الموافق ليلة 22 أغسطس 1945 بمستشفى المواساة بالإسكندرية ودفن بالقاهرة.