تقييم تعريفات الاقتصاد عند الاقتصاديين الوضعيين بمنظور الاقتصاد الإسلامي
تقييم تعريفات الاقتصاد عند الاقتصاديين الوضعيين
بمنظور الاقتصاد الإسلامي
ماهية الاقتصاد الإسلامي:
الاقتصاد الإسلامي هو: مجموعة القواعد التي تعتمد على أصول العقيدة الإسلامية؛ وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والاجتهاد الفقهي، وتهتم جمعيها في متابعة الأعمال الاقتصادية ضمن البيئة الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية[1]، أو هو: مجموعة من المبادئ والأصول التي تحكم الأنشطة الاقتصادية، وتنظم قضاياها وفقًا للمنظور الإسلامي، ويرتكز الاقتصاد الإسلامي على العقيدة والأخلاق الإسلامية، والتي تبلورت كمبادئ وقيم، واعْتُمِدت كأسلوب حياة لدى المسلمين[2].
خصائص الاقتصاد الإسلامي:
يتميز الاقتصادي الإسلامي عن الاقتصادات الوضعية بمجموعة من المميزات الخاصة؛ من أهمها:
1- لا يشبه الاقتصاد الإسلامي أنواع الأنظمة الاقتصادية الوضعية باعتماده على العقيدة الإسلامية؛ إذ يعتمد الاقتصاد الإسلامي على أحكام الشريعة الإسلامية في صياغة مبادئه وقوانينه، وكافة القواعد والتشريعات الخاصة به.
2- يرتبط الاقتصاد الإسلامي بالأخلاق؛ أي يحافظ على القيم الأخلاقية الإسلامية، والصفات الحميدة؛ وهي الصدق، والأمانة، ومراعاة الحلال في كافة الأنشطة الاقتصادية.
3- الواقعية: الاقتصاد الإسلامي واقعي؛ أي يهتم بطبيعة الحالة الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بالأفراد، ولا يعتمد على أية تقديرات أو خيالات غير حقيقية، كما هو الحال في الأنظمة الاقتصادية الوضعية.
4- الشمولية: تنحصر اهتمامات الاقتصادات الوضعية بالأمور المالية والمادية فقط، بينما الاقتصاد الإسلامي مع اهتمامه وتركيزه على الأمور المالية والمادية، يهتم أيضًا بالجوانب الأخلاقية والروحية النابعة من أحكام الشريعة الإسلامية، وتساهم في تحقيق كافة الحاجات الخاصة بالناس كأفراد والمجتمع الإسلامي ككل على ضوء تلك الأحكام، ويعمل على تحقيق الضروريات والحاجيات والتكميليات – الكماليات – على أكمل وجه، وتحقيق السكن والتعليم والرعاية الصحية ومستوى حد الكفاية المعيشية للجميع.
أسس الاقتصاد الإسلامي:
يعتمد الاقتصاد الإسلامي على أسس اقتصادية عديدة؛ منها هذه الثلاثة الرئيسية:
أولًا: وجود خمسة أنماط من الملكية فيه: إن علماء وكُتَّاب الاقتصاد الإسلامي أثبتوا وجود هذه الأنماط من الملكية في الاقتصاد الإسلامي:
1-الملكية المشاعية للمباحات العامة المادية.
2-الملكية العامة.
3-الملكية الفردية.
4-الملكية المجموعية.
5-الملكية المختلطة.
إن التطور التأريخي النابع من الشرائع التوحيدية التي أرسلها الله تعالى للبشرية من لدن آدم عليه السلام وإلى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم – قد احتضنت ملكيات متعددة أثبتتها القرآن والسنة؛ وهذه الملكيات هي: الملكية المشاعية للمباحات العامة المادية؛ وتشمل جميع الثروات الطبيعية من الغابات والأشجار والأعشاب التي نبتت من دون تدخُّل الإنسان لها، وكذلك الثروات المائية من البحار والأنهار والينابيع، وما فيها من الحيوانات والأسماك والأحجار الكريمة، والهواء والرياح والشمس والمطر، فهذه الأشياء تعتبر موهوبات إلهية مجانية للبشرية، ويحرم الشريعة الإسلامية احتكارها أو السيطرة عليها ومنعها جزئيًّا أو كليًّا عن الناس من قِبلَ البشر والحكومات؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار))[3]، إلا أن الإسلام يعطي الحكومات التي تنتهج الشريعة الإسلامية حقَّ الإشراف وتنظيم وترتيب الانتفاع من ثرواتها من قِبَلِ القطاعات العامة والفردية والمجموعية والمختلطة وفق شروط معينة، تضعها الدولة الإسلامية لهذا الانتفاع؛ حتى تحافظ على وجودها وتحدد الكميات المأخوذة منها، وأزمانها وأحوالها، وغيرها من الشروط؛ على سبيل المثال تضييق أو منع صيد الأسماك في فصل الربيع لصغر حجم الأسماك في البحيرات والسدود وعدم نموها بالكامل، ثم فتح السماح بصيدها في بداية شهر الصيف لاكتمال نموها وكبر حجمها، وكذلك منع الصيد والأخذ من نباتات الحرم المكي والسماح به في خارجه.
وعند اكتمال الإسلام[4]؛ بقول الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، ومع تأسيس الدولة الإسلامية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم ظهرت الملكية العامة؛ يقول الله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، وظهرت الملكية الفردية أيضًا من خلال العمل والاكتساب، والأخذ المجاني من ثروات المباحات العامة المادية؛ مثلًا ماء النهر مباح عام للمسلمين جميعًا مجانًا، أما عند إحراز جزء منه ووضعه داخل الاسطوانات والمواعين وغيرها، من قِبل القطاعات الأربعة المذكورة للاقتصاد الإسلامي التي لها حق الانتاج والاستثمار والربح، فإن كميات الماء الْمُحْرَزة تتحول من الملكية المشاعية إلى نوعية الملكية التي قد أحرزتها وفق الشروط الشرعية. ويجب على الدولة والمجتمع الإسلامي حماية هذه الملكية وغيرها من الملكيات في الاقتصاد الإسلامي؛ قال الله تعالى: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7]، وظهرت أيضًا الملكية المجموعية بين فردين فأكثر؛ يقول الله تعالى في الحديث القدسي: ((إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخُن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما))؛ [سنن أبي داود، رقم الحديث: 3383]، والملكية المجموعية تدعمها الشريعة الإسلامية لوجود نصوص شرعية عليها؛ مثل: شركات القراض، العنان أو الأموال، والمفاوضة وشركات الأبدان والمضاربة والوجوه[5]، والمزارعة والمساقاة وغيرها، وفي الاقتصاديات المعاصرة ظهرت الملكية المختلطة، فاستوعبها الاقتصاد الإسلامي؛ وفقًا لقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].
ولا يتوقف وجود الملكية في منظور الاقتصاد الإسلامي عند حدود الملكيات المشاعية المادية والعامة، والخاصة والمجموعية، ثم المختلطة، بل إنه مستمر بشكل متوازٍ مع قابلية الشريعة الإسلامية على المرونة والاتساع لاستيعاب التغييرات والأحداث والأفكار المختلفة عبر مختلِف الأزمنة والأمكنة، والأحوال والبيئات المختلفة، ثم تصفيتها بالمصافي الشرعية، وهو ما يبين القابلية الكبيرة للاقتصاد الإسلامي على استنضاح واستيعاب أي نمط آخر من الملكية في العالم، وكذلك قدرته العالية على التعايش مع التنوعات الأخرى من الملكية التي تتأسس داخل ملكياته الخمسة، عن طريق الاتصال والانصهار فيما بينها، ما يؤدي إلى ظهور ملكيات جديدة بخصائص وصفات معاصرة مستقلة لِما نشأت منها.
ثانيًا: الحرية الاقتصادية المقيدة: هي من المبادئ الأساسية في الاقتصاد الإسلامي؛ إذ لكل فرد الحرية في ممارسة الأنشطة الاقتصادية التي يريدها، طالما أنها لا تتعارض ولا تخالف الشريعة الإسلامية ومبادئها، لذلك فإن الحرية الاقتصادية في الاقتصاد الإسلامي ليست مطلقة، ولكنها مقيدة بمجموعة من القواعد التشريعية والأخلاقية، فإذا تعارضت بعض المصالح مع بعض، يجب تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة؛ لذلك لا يجوز احتكار السلع، وتعطيل الأراضي الصالحة للاستخدام، والقيام بأعمال تُلحِق الضرر بالناس، فالحرية الاقتصادية في الإسلام هي حقيقية تخدم مصالح الجميع، وبعيدة عن الظلم والاستعباد، بل تتميز بالعدالة في ضمان حاجات الأفراد الأساسية.
ثالثًا: العدالة الاجتماعية: هي من الأسس الاقتصادية الأساسية والمهمة في الاقتصاد الإسلامي، ومن أهم صورها التوزيع العادل للدخل ضمن أحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، وتحديد الطرق الصحيحة لإنفاق المال، ووضع الأُسُس المناسبة لتوزيع الميراث على الورثة، وفقًا للوسائل الشرعية الصحيحة.
تعريف علم الاقتصاد عند الاقتصاديين الوضعيين:
وتقييمها بمنظور الاقتصاد الإسلامي:
آدم سميث: في عام 1776 نشر آدم سميث كتابه باسم: ثروة الأمم، وبيَّن فيه كيفية اغتناء الأمة ونمو ثروتها، وعرف الاقتصاد بأنه: العلم الذي يدرس الكيفية التي تمكِّن الأمة من الحصول على الثروة ووسائل تنميتها، وكان تركيز آدم سميث في تعريفه هذا على الإنتاج المادي فقط مع إهمال إنتاج الخدمات في المجتمع:[6]
تقييم هذا التعريف بمنظور الاقتصاد الإسلامي:
1- إنه تعريف غير جامع؛ ذلك لأن تركيزه على الأسباب المادية للرفاهية يُخرِج عديدًا من الأنشطة الإنسانية من نطاق علم الاقتصاد؛ كخدمات التعليم والصحة وغيرها، مع العلم هناك أدلة كثيرة من القرآن والسنة النبوية الشريفة تؤكِّد على وجوب الاهتمام بالعوامل المادية وغير المادية، في الأمور الاقتصادية والاجتماعية.
2- إنه يهتم فقط بالجوانب المادية، ويُهمِل الجوانب الروحية، أما الاقتصاد الإسلامي فيهتم ويعتمد على كلا الجانبين في أفكاره وتحليلاته وسياساته الاقتصادية المختلفة.
3- يهمل الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والدينية والاعتبارات الصحية في منظوره وتحليله لأسباب الثروة والتطور الاقتصادي، وهذا يتناقض كليًّا مع ما يربو إليه ويستهدفه الاقتصاد الإسلامي، لأن من أبسط الأهداف التي يرمي إليها الاقتصاد الإسلامي هي تعميق المسائل الأخلاقية، وتقوية أواصر الصداقة والتعاون والتعاضد بين أفراد المجتمع الإسلامي، وتقوية النظام الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الإسلامي، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالجوانب الأخرى كالجوانب الصحية والتعليمية والمعيشية؛ لإخراج المجتمع الإسلامي من مشاكل المرض والجهل والفقر، بل ومن الوقوع فيها بدايةً.
4-اعتمد في تحليله للوصول إلى الرفاهية على الأسباب المادية والاغتناء المادي فقط، مع العلم في منظور الاقتصاد الإسلامي هناك عوامل أخرى تحدِّد رفاهية الشعوب؛ مثل: تفعيل مكانة الفرد في الانظمة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، كدوره في التعاونيات والنقابات، وفي حقوق الإنسان، والحريات المختلفة، التي من المفروض أن يتمتع بها أفراد المجتمع الإسلامي.
مارشال: الاقتصاد هو ذلك العلم الذي يتعلق بدراسة تصرفات الفرد في نطاق أعمال حياته اليومية، الذي يتصل بكيفية حصوله على الدخل، وكيفية استخدامه لهذا الدخل، أو هو ذلك العلم الذي يدرس بني الإنسان في أعمال حياتهم العادية، وهو يبحث في جانب النشاط الفردي والاجتماعي الذي يتعلق بالحصول على المقومات المادية للرفاهية، وطرق استخدام هذه المقومات[7].
تقييم هذا التعريف بمنظور الاقتصاد الإسلامي:
1- هذا التعريف ركَّز على جانب واحد فقط هو الفرد أو الإنسان، وهو كيفية حصوله على الدخل، وكيفية استخدامه له، وهو تعريف قاصر؛ لأنه أهمل المجتمع ككل، وأهمل كذلك دوره في العمليات والنشاطات الاقتصادية، وهو ما يرفضه الاقتصاد الإسلامي؛ حيث يأخذ كلا الطرفين بنظر الاعتبار في نظامه الاقتصادي وفي جميع جزئياته وكلياته.
2- إنه تعريف رأسمالي وضعي، يعتمد على عمليات الميسر – القمار – والنشاطات الربوية والاحتكارية للإنسان، داخل كيان النظام الرأسمالي الوضعي، وهو ما يرفضه الاقتصاد الإسلامي جزءًا وكلًّا؛ لأن هذه النشاطات تدخل في باب أكل أموال الناس بالباطل، وهو محرم ولا يجوز العمل بها لأفراد المجتمع الإسلامي.
روبنـز: الاقتصاد هو[8]: العلم الذي يدرس سلوك الإنسان إزاء حاجاته المتعددة ووسائله المحدودة ذات الاستعمالات المتنوعة.
تقييم هذا التعريف بمنظور الاقتصاد الإسلامي:
1-إنه تعريف رأسمالي وضعي يعبر عن المنظور الرأسمالي الوضعي في تفسيره للحاجات الاقتصادية؛ لأن الرأسمالية الوضعية تعتقد بأن هناك حاجاتٍ اقتصادية متعددة، ومواردَ اقتصادية نادرة، وتعريف روبنز هذا هو المعبر الحقيقي عن هذه النظرية الرأسمالية، التي يرفضها الاقتصاد الإسلامي بشكل قطعي؛ لأن الاقتصاد الإسلامي يعتقد بأن هناك حاجات اقتصادية متعددة وموارد اقتصادية وفيرة غير نادرة؛ وذلك حسب قول الله تعالى: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34].
2- هذا التعريف يجعل من الأحكام والسياسات والإجراءات الاقتصادية الواجب اتباعها إزاء مسألة معالجة المشاكل والظواهر والكوارث الاقتصادية – عقيمةً لا جدوى منها؛ لأن كل خطوة اقتصادية متبعة من قبل الدولة أو أي جهة اقتصادية أخرى ستُواجَه بمسألة الندرة، أي أنها لا تحقق نجاحًا بسبب عدم وجود موارد اقتصادية كافية لحل المشاكل والأزمات والكوارث الاقتصادية، وسببه يرجع كما تدعيها الرأسمالية الوضعية إلى الموارد الاقتصادية القليلة والنادرة، التي لا تكفي للقضاء على جميع مشاكل الاقتصاد القومي، ولا تكفي لإشباع جميع الحاجات الاقتصادية، وهذا الاعتقاد الرأسمالي يؤدي إلى ما يلي:
أ- عقم السياسات الاقتصادية إزاء حل جميع المشاكل الاقتصادية.
ب- عدم قدرة الاقتصاد القومي للدولة على تخطِّي المشاكل الاقتصادية وبقاؤها دومًا داخل دوامة اقتصادية من الأزمات لا يستطيع الخروج منها.
ت- قيام الرأسمالية الوضعية بالقضاء على جميع الأصوات المنادية بالتغير والتطور والخروج من المآزق والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، بحجة عدم كفاية الموارد الاقتصادية، وعدم قدرة الموجودة منها على إشباع جميع حاجات المجتمع، ومن ثَمَّ بقاء حاجات كثيرة ومتنوعة من دون إشباع، ومن ثم بقاء المجتمع داخل مشاكل اقتصادية لا يستطيع الخروج منها أبدًا.
ث- حدوث حالات اجتماعية واقتصادية ميوؤس منها؛ لأن حلولها تكون مستحيلة حسب اعتقاد الرأسمالية الوضعية، لأن الموارد الاقتصادية لا تكفي لهذه الحلول.
3-هذا التعريف يؤيد العقيدة الخاطئة للرأسمالية الوضعية التي تقول بندرة الموارد الاقتصادية طبيعيًّا، وهو ما يعطي الألوهية والخَلْق للطبيعة باعتبارها لم تخلق مواردَ كافية للحاجات الاقتصادية على الأرض أو في الطبيعة، وهذه العقيدة مرفوضة عند الشريعة والاقتصاد الإسلامي؛ لأن:
أ- حقُّ خَلْقِ الموارد الاقتصادية في الأرض أو السماوات هو لله تعالى فقط، والطبيعة ليس لها أي دور في خلقها، بل الطبيعة نفسها مخلوقة من قِبَلِ الله تعالى.
ب- لا يجوز أبدًا إرجاع الخَلْقِ لغير الله تعالى؛ لأن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض وما بينهما وهو مالك جميعها؛ يقول الله تعالى:
• ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [السجدة: 4].
• ﴿ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزخرف: 85].
• ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴾ [طه: 6].
4- إن التعريف الرأسمالي الوضعي هذا مرفوض؛ لأنه يؤدي إلى الوقوع في عقائدَ دينية واقتصادية منحرفة ومضلة، ولا يؤدي إلا إلى ازدياد المشاكل والكوارث الاقتصادية، وإرجاع المجتمع إلى الوراء والتخلف، بدلًا من التطور والرفاهية.
الخلاصة:
حسب هذه التعريفات، فإن علم الاقتصاد وفق منظور الرأسمالية الوضعية هو:
1- علم اجتماعي مادي وضعي بحت، خالٍ من جميع أنواع المسائل المعنوية والروحية، وكذلك عدم الاعتراف بالأحكام الشرعية التي تربط بين العبادات والماديات، بل ونبذ كل سياسات اقتصادية معنوية وصحية وإنسانية، وحصر كل شيء اقتصادي بالمادة فقط، فعلى سبيل المثال: إنتاج وبيع الدخان – السيكاير – والخمر والخنزير والميسر – القمار – والميتة وغيرها من المحرمات، من دون الأخذ بنظر الاعتبار حرمتها ونبذها من قِبل الشريعة الإسلامية.
2- أداته الرئيسة وموضوعه هو الإنسان ذو الحاجات الاقتصادية المتعددة، ولكن في واقع متشائم متمثل بندرة الموارد التي يحتاجها للوصول إلى أهدافه ولتطبيق إراداته وإمكانياته، والحبس داخل إطار عقيدة الندرة؛ يعني عدم استطاعته الخروج من مأزق عقيدة القلة، وعدم الكفاية، واتهام الطبيعة بالبخل والتقصير، وعدم إنتاجها للمنتجات بشكل كافٍ للبشرية، ومن ثَمَّ هروب وتخلص الرأسمالية الوضعية من مسؤولياتها تجاه إشباع حاجات شعوبها وتنميتها الحقيقية، وعدم استطاعتها الوصول إلى الرفاهية الحقيقية.
3- اعتماد الرأسمالية حسب منظورها الوضعي على دراسة العلاقة بين الحاجات المتعددة والموارد المحدودة، بهدف تحقيق أهدافها، الذي يعني أهدافًا وغايات كبيرة داخل أطر ضيقة، غير ممكن الخروج منها، والبقاء داخل دوامة المشاكل والأزمات الاقتصادية الخانقة، وعدم استطاعة شعوبها الخروج منها، مما يعني الأزمات المستمرة والمتواصلة، وفشل السياسات الاقتصادية من حلها، والخروج تحت وطأتها.
[1] محمد فيضي – تعريف نظام الاقتصاد الإسلامي – ٦ يونيو ٢٠٢٢ – الموقع: موضوع 2024 – https://mawdoo3.com/
[2] الموقع: حكومة.امارات 2024 – الاقتصاد الإسلامي – آخر تحديث في 13 يونيو 2023 – https://u.ae/ar-ae/about-the-uae/economy/islamic-economy-
[3] أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم – الخراج – دار المعرفة للطباعة – لبنان – بدون تاريخ – ص34.
[4] هذه أكبر نِعَمِ الله تعالى على هذه الأمة؛ حيث أكمل الله تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه؛ [الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله – شروح الكتب – تفسير القرآن العظيم (ابن كثير) – سورة المائدة 6-https://binbaz.org.sa/audios/373/06].
[5] ملخص أحكام الشركات في الفقه الإسلامي، د. مراد بلعباس – ملخص أحكام الشركات في الفقه الإسلامي -الموقع: نادي الاقتصاد الإسلامي 2024 -https://shariaa.org/
([6]) الشيخ: ناصر بن محمد الأحمد – معالم الاقتصاد الإسلامي – http://alahmad.com/node/713
وسهير شاكر صديق العبيدي – مبادئ علم الاقتصاد – الجامعة المستنصرية -https://uomustansiriyah.edu.iq
[7] الموقع: جامعة بابل – تعريف علم الاقتصاد – https://www.uobabylon.edu.iq
[8] نفس المصدر – https://www.uobabylon.edu.iq