مى زيادة.. أديبة متعددة اللغات عاشت المآسي بعد نجومية “ندوة الثلاثاء”
ثقافة أول اثنين:
تحل اليوم ذكرى ميلاد مي زيادة وهى شاعرة وأديبة فلسطينية، وواحدة من رواد وأعلام النهضة الأدبية البارزين في تاريخ الأدب النسوي العربي في النصف الأول من القرن العشرين.
ولدت ماري إلياس زيادة، المعروفة ﺑ”مي زيادة”، في الناصرة بفلسطين عام 1886، لأب لبناني وأم فلسطينية وارتحلت مع ذويها إلى مصر، واستقرت هناك بعد أن عمل والدها محرِّرًا لجريدة المحروسة واستطاعت إجادة العديد من اللغات كالإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والإيطالية، والعربية، كما درست وطالعت كتب الفلسفة، والأدب، والتاريخ العربي والإسلامي.
وكانت مى زيادة مثلها من الكتاب والكاتبات التي استخدمت الأسماء المستعارة، التى سمت نفسها “عائدة” و”إيزيس كوبيا”، وقد فعلت ذلك لسببين، كان السبب الأول كون الكتابة النسائية غير شائعة مطلع القرن العشرين، أما السبب الثانى هو أنها كانت تواجه مشاكل عائلية لا حصر لها ومن ثم أرادت التخفى خلف اسماء مستعارة.
انفتحت على أجواء النهضة الثقافية والحضارية الموجودة في القاهرة آنذاك، فكانت تعقد ندوة أسبوعية باسم «ندوة الثلاثاء» وكان يحضرها الكثير من فحول عصرها من أدباء وشعراء ونقاد، ومن أبرزهم: أحمد لطفي السيد، وأحمد شوقي، وعباس العقاد، وطه حسين، وشبلي شميل، ويعقوب صروف، وخليل مطران، ومصطفى صادق الرافعي، وغيرهم، وقد أغرم الكثير منهم بمي، إلَّا أن قلبها لم يمل سوى لشخص واحد هو جبران خليل جبران.
كان الحب المتبادل بين مى زيادة، وجبران خليل جبران من خلال الرسائل، فقد أحبا بعضهما ولم يلتقيا حتى رحيلهما، وعلى عكس من عشقوا مي، فهى من وقعت بغرام جبران، فكتبت: «جبران، ما معنى هذا الذى أكتبه؟ إنى لا أعرف ماذا أعنى به، ولكنى أعرف أنك محبوبى وأنى أخاف الحب، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط فيه؟ الحمد لله أننى أكتبه على الورق ولا أتلفظ به؛ لأنك لو كنت الآن حاضرًا بالجسد لهربت خجلا من هذا الكلام، ولاختفيت زمنًا طويلًا فما أدعك ترانى إلَّا بعد أن تنسى»، ليرد عليها: «الكلمة الحلوة التى جاءتنى منك كانت أحب لدى وأثمن عندى من كل ما يستطيع الناس جميعهم أن يفعلوا أمامي، الله يعلم ذلك وقلبك يعلم».
نشرت العديد من الكتب، تأليفًا وترجمةً، حيث نشرت أول ديوان شعر بالفرنسية تحت اسم «أزاهير الحلم»، وصدر لها بالعربية مجموعة كتب: ﮐ «باحثة البادية»، و«كلمات وإشارات»، و«المساواة»، و«ظلمات وأشعة» كما ترجمت ثلاث روايات منهم رواية «ابتسامات ودموع» لمكس مولر، بالإضافة إلى ذلك، نشرت العديد من المقالات والأبحاث في كبريات الصحف والمجلات الأدبية والفكرية مثل: المقطم، والمحروسة، والزهور، والأهرام، والهلال، والمقتطف.
عاشت الاثنتي عشرة سنة الأخيرة من حياتها في مأساة حقيقية، حيث فقدت ثلاثة من أقرب الأشخاص إليها واحدًا تلو الآخر، هم والدها الذي توفي عام 1929، والحبيب جبران خليل جبران الذي تلاه في عام 1931، وأخيرًا والدتها التي فارقت الحياة بعده بعام، هذه المفجعات المتتاليات جعلتها تقضي بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية، ثم خرجت بعدها وأقامت عند الأديب أمين الريحاني عدة أشهر عادت بعدها إلى مصر لتموت بالقاهرة في 1941، تاركةً وراءها إرثًا أدبيًّا رائعًا ومتميزًا.