غزوة مؤتة
غزوة مؤتة
كانت الغزوة ردًّا على الحارث بن أبي شمر الغساني الذي قتَل حامل الرسالة، فتجهز المسلمون للغزوة، فاجتمع ثلاثة آلاف مقاتل، وجعل عليهم زيد بن حارثة، وأوصى إن أصيب زيد فالقائد جعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبدالله بن رواحة، وشيع المسلمون في المدينة الجيش بالدعاء لهم بالنصر، وانطلق الجيش حتى وصل إلى معان من أرض الأردن، ثم تقدم حتى قرية مؤتة، وهناك علم بحشد الروم بقيادة ملكهم هرقل الذي كان لا يزال في القدس، فقدم أمامه مائة ألف مقاتل، وانضم للروم مائة ألف من العرب المتنصِّرة من الغسانيين، وتردد المسلمون في لقاء هذا الجيش الضخم، ثم شجعهم عبدالله بن رواحة على الإقدام، فقاتلوهم بصبر وثبات، وصمدوا لهم عدة أيام، فاستُشهد زيد بن حارثة ثم جعفر ثم عبدالله بن رواحة، فاستلم القيادة خالد بن الوليد الذي قاتل بقية يومه حتى المساء، ثم انسحب تحت جنح الليل من المعركة بحيلة حربية أنقذ فيها المسلمين من الهزيمة، وأن يركب العدو أكتافهم وهم منسحبون، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي ما حل بجيش مؤتة، فأخبر أصحابه خبرهم، وأنهم استشهدوا ورفعوا إلى الجنة على سُررٍ من ذهب، ثم قال: ((واستلم الراية سيف من سيوف الله))، ومن ذلك الوقت أصبح لقب خالد بن الوليد سيفَ الله، ولما عاد المسلمون إلى المدينة استقبلهم الناس بعدم الغبطة، وقالوا لهم: يا فُرَّار، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليسوا بالفُرَّار، ولكنهم الكرار إن شاء الله، وأنا فئتهم))؛ أي: منحاز لهم، استشهد من المسلمين اثنا عشر رجلًا، ولم يذكر عدد قتلى الروم وأتباعهم، لكن ذكر أن تسعة أسياف اندقت في يد خالد، ولم تثبت بيدُه إلا صمصامة قاتَل بها، وهذا يدل على عنف المعركة وشدتها، وأن قتلى الروم كانوا كثيرًا.