سنة أولى جمهورية.. كيف كانت مصر فى أول استحقاق رئاسى قبل 6 عقود؟
ثقافة أول اثنين:
مضى زمن طويل على اللحظة التى صارت فيها مصر جمهورية، وصارت سُلطة الحُكم فى عُهدة الشعب، ينوب عنهم أحد أفرادهم بشرعية ظرفية مؤقتة، حدودها المدة الرئاسية وإرادة الناخبين، سواء فى صيغة الاستفتاء القديمة أو فى الأغلبية المطلوبة الآن للفوز بالانتخابات التعددية. لكن المشهد الأول الذى تأسس قبل 70 عاما تقريبًا، ما زال يُمثل القاعدة التى بُنيت عليها التجربة، وتتابعت مراحل تطورها، فكيف كانت شكل البيئة السياسية وقتما خلعت مصر التاج ووضعت الدستور على كرسى الحكم؟!
وقتها كان تعداد المصريين نحو 30 مليونا و800 ألف نسمة، وكانت حالة الفقر طاغية والأمية تهيمن على أغلب الشعب، ولا يخلو وعى مواطن واحد من تطلعات كانت عزيزة وقتها، وتجلّى أن الجمهورية الناشئة تُبشر بتقريب البعيد، وقد تحقق ذلك فعلاً عندما سارت عجلة التحديث على كل الدروب، فتطورت بنية التشريع وخطط الاقتصاد والإنتاج والتنمية، وارتقت مستويات التعليم والصحة، ولمعت ثمار الثورة على أشجار السنوات التالية فى برامج للإصلاح الزراعى والعدالة الاجتماعية وتمكين المهمشين وتوليد الوظائف.
سارت الأمور فى السنوات الأولى بعد الثورة بوتيرة هادئة، فطُرح اسم محمد نجيب بين الضباط الأحرار، ثم تلاه استفتاء شعبى على عبدالناصر. أما عن العام الذى أُقيم فيه الاستفتاء الأكبر على منصب الرئيس قبل قرابة ستة عقود، فقد شهد إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، وفيه زار جمال عبدالناصر الاتحاد السوفيتى، وفى عاصمته موسكو التقى بالطلبة العرب الذين يدرسون هناك، وحسب عبدالله إمام فى كتابه «عبدالناصر والإخوان المسلمين» الصادر عن «دار الخيال: بالقاهرة، كان اللقاء يوم 7 أغسطس 1965، وأعلن عبدالناصر فى خطابه عن ضبط مؤامرة جديدة للجماعة، قائلا: «بعدما رفعنا الأحكام العرفية منذ سنة، وصفّينا المعتقلات، وأصدرنا قانونا لكى يعودوا إلى أعمالهم، نضبط مؤامرة وسلاحا وأموالا، وصلت إليهم من سعيد رمضان من الخارج، وهذا دليل على أن الاستعمار والرجعية بيشتغلوا فى الداخل».
وعلى الصعيد السياسى، أثمرت الاجتماعات الطويلة التى بدأت يوم 22 أغسطس 1965 بين الرئيس جمال عبدالناصر والعاهل السعودى الملك فيصل عن «اتفاقية جدة» فى 24 أغسطس، وفى هذا العام أيضًا اختير زكريا محيى الدين رئيسا للوزراء.
وفيما يخص الأعمال الفنية والأدبية، فقد صدرت فى هذا العام رواية «المستحيل» للدكتور مصطفى محمود، وتتناول مشكلات تتصل بالسياق الاجتماعى والمعرفى الراهن وقتها، وقد تحولت إلى فيلم سينمائى بالاسم نفسه، كما صدرت رواية «العنكبوت» لتكون تجربة جديدة فى مجال كتابة الخيال العلمى.
ومن أفلام العام: «الثلاثة يحبونها» من إخراج محمود ذو الفقار، و«الحرام» للمخرج هنرى بركات، و«العقل والمال» و«بنت عنتر» بتوقيع نيازى مصطفى، و«حكاية العمر كله» من إخراج حلمى حليم، و«سكون العاصفة» لأحمد ضياء الدين، و«طريد الفردوس» من إخراج فطين عبدالوهاب، و«المدير الفنى» من إخراج فطين عبدالوهاب، و«هى والرجال» لرائد الواقعية حسن الإمام. وكان من أبرز الأغنيات الصادرة فى هذا العام «زوربا» للمطربة داليدا، و«ناصر يا حرية» للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، و«انت الحب» لسيدة الغناء العربى أم كلثوم.