ثنائيات وشهادات على رؤساء مصر من واقع كتابات المثقفين والسياسيين
ثقافة أول اثنين:
المعتاد أن يكون المثقفون والأدباء وقادة الرأى على يسار السلطة، ولا تنكسر القاعدة إلا فى حالات نادرة، كأن تكون القيادة استثنائية أو الظرف متجاوزا لحدود التصنيف السياسى البسيط، أو أن يقدم المسؤول أو الرئيس نموذجا قيميا وإنسانيا لافتا ويوجب الاحتفاء.
لا تخلو المدونة المصرية من مواقف حادة للمثقفين، وتلك من طبائع كثيرين فيهم وروتينهم المتكرر، إنما الذاكرة نفسها تحمل نصوصا وإضاءات مهمة سجلها مبدعون وصحفيون وكتاب كبار بحق رؤساء مصر فى مراحل وأزمنة مختلفة، بعضها تتصل بالشخص وما يقدمه من حالة إنسانية، وبعضها بالسياق والتجربة الموضوعية، لكن أجمل ما فى القوائم الطويلة بعض حكاياتها التى اتخذت صيغة الثنائيات.
ناصر وهيكل
كأنهما كانا مشروعا واحدا أسسه القدر،لـ جمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل، جمعتهما صداقة وطيدة، انفتحت على العمل السياسى والوصل الإنسانى، ومن ألمع ما قاله الكاتب عن الحاكم: «أعظم شىء فى جمال عبدالناصر أنه كان حياة إنسانية زاخرة عاشت على الأرض، وبين الناس، وتحت أشعة شمس مصر الباهرة».
يقول «هيكل»: إن أكثر ما كان ينفر منه عبدالناصر فى حياته عبادة الفرد، لهذا فإنه ليس من حق أحد بعد الرحيل أن يجعل منه إلها معبودا فى هرم آخر. إنه لا يسعده أبدا أن يجد نفسه تمثالا شاهقا من الحجر، وإنما يسعده أن يظل دائما مثالا نابضا للإنسان، لحم ودم، إرادة وأمل، عقل وعاطفة، قرارات فيها الصواب وفيها الخطأ، وأحسب أنه واحد من القلائل الكبار فى عالمنا وعصرنا، الذين أتتهم الشجاعة لكى يقفوا أمام الملايين يتحدثون بأمانة ورجولة عن التجربة والخطأ.
السادات وبهاء الدين
رأى الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهاء الدين، أن الرئيس السادات هو من أعاد للأمة العربية ثقتها بنفسها وقدراتها، بحسب كتابه «وتحطمت الأسطورة عند الظهر».
ويقول: إن الرئيس الراحل أطلق الشرارة التى اندفعت بعدها قوات مصر وسوريا لتحطيم الأسطورة الإسرائيلية، التى خيمت على المنطقة طوال ربع القرن، وزادت كثافتها منذ يوم 5 يونيو 1967، وبهذا فقد تحطمت الأسطورة عند الظهر، عندما أصدر السادات قراره التاريخى.
مبارك والفقى
قضى الدبلوماسى والمثقف مصطفى الفقى سنوات فى جوار مبارك، وكان سكرتير الرئيس للمعلومات، ويقول عنه: «إنه كان وطنيا مصريا، وحريصا على مصالح البلاد بقدر الاستطاعة وبقدر ما أعطى من رؤية وضوء، وله ما له وعليه ما عليه، والظروف وضعته فى 9 سنوات قاسية للغاية بعد ثورة يناير».
ويؤكد فى تصريحات سابقة، أن تصرف مبارك مع الثورة كان معتدلا، فلم يهرب ولم يأمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وبرأه القضاء، كما أن تاريخه العسكرى ناصع ولا يبارى، مشيرا إلى أنه لو أردنا أن نضع عنوانا لفصله فى التاريخ فهو «حاكم وطنى لم ينتهز الفرص الضائعة».