Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار وثقافة

خالد دومة يكتب: الخروج من الظلمات إلى الكلمات

ثقافة أول اثنين:


أرفع ما يتميز به المجتمع المتحضر, هي الحرية, الحرية في أن يقول ويعبر كما يشاء, دون خوف أو تهديد لحياته, ولكن إلى أي مدى تكون الحرية, هي الحل الأمثل للإنسان؟ وما هو حال الحرية في مجتمع أكثره أمي؟ وكثير ممن يملكون الشهادات, هم أيضا, أميون في أمور غير تخصصاتهم, هل تساق الشعوب إلى الحرية بالقوة والإستبداد؟


 والقاعدة الأولى في بناء أي مجتمع, يريد أن يكون, وأن يزاحم, ويكون له مكان في عالمنا, هي تلك الحرية, وأن نستعيبها, وأن نقدرها, وأن نسلك شعابها, وأن نرضع أبنائنا الصغار مبادئها, ما أجمل هذه الكلمة, وأروعها على مسامعنا, حين تزيل الخوف منا, وتعطينا الشجاعة, والقوة في القول والعمل, دون أن نختبأ, أو نهرب, حين نعبر عن أرائنا, فأحيانا يكون الاستبداد أقل وطأة على النفوس, من حرية لا يقدرها أهلها, ويتجهون بها إلى حيث تهوي بهم, كيف تكون حرية بين أفراد لا يؤمنون بها سوى لأنفسهم, وما عداهم فلا حق لهم فيها, إذا اعترضت مع أرائهم, وترى فيها خروج عن الدين, ومن ثم تكيل له الشتم والسب, وتقذفه بالكفر والعته, إنهم يقعون تحت وطأة استبداد من نوع أخر, استبداد التقاليد, التي علقت بعقولهم, وجعلتهم دمى لها, دون رؤية أوتحليل, في بلاد أكثرها لا يؤمن بإختلاف, إنهم في حريتهم المزعومة مستعبدون بآراء أعتنقوها دون وعي, وأرتبطوا بها, وقد أرتبطت بعقولهم كدين, يجب تقديسه, وأن من يخالفه فهو مرتد لا دين له, إنه حليف الشيطان, ومن حزبه, يتآمر معه على الدين, إنهم لا يؤمنون إلا بحرية الاستبداد, الذي نشاؤا عليه, وسيطر عليهم, إنهم أسرى لغير عقولهم.


 إن ما يجب أن يتعلمه الإنسان أن الاختلاف ليس أمر طارء, ينتهي بعد وقت ما, وإنما هو أمر ضروري, واجب ولا سبيل للحياة بدونه, فلا بد من أراء ومذاهب ونظريات وجماعات, وأن الحق لن تحتكره جماعة واحدة, أو أصحاب مذهب واحد, ولكل نصيب منها, ولكن يجب أن نتقبلها على ما بها من اختلاف, فلن يكون للحياة معنى, أو وجود, وهي تستظل بمباديء واحدة, وتكون العقول حينئذ آلات وأجساد صماء, لا نفوس إنسانية.


 إن الله منح الإنسان, الحرية في الإيمان به وعدم الإيمان, ثم يأتي إنسان مخلوق لينتزعها منك, ويرهبك لتعيش بما يرتضي هو, وما يريد, هل يرتضي الإنسان أن يعيش مقيد, أن يفقد حريته, أن يسلبه منه إنسان أخر, إن منطق القوة لازال هو المسيطرة على بعض الناس, ولازلوا أطفال ترهبهم عصا المعلم, العصا التي قتلت فيهم الشعور بالحرية, وقتلت فيهم شيء من إنسانيتهم, إن الحرية, الوجه الجميل لحياة الإنسان, ولو عرفناها ولو سعينا إليها, لتذوقنا حلاوتها. ماذا ينقص من الإنسان, إذا فقد الحرية, إذا ألقى بها ثورا لسكين الجزار, فتقتل كما تقتل الأشياء, التي لا قيمة لها, في عالمنا عشنا سنوات لا نعرف لها طريق, ما نشأنا عليه من خوف صنع منا شعوب ميتة, أو كالأنعام لا تسعى إلا للكلأ, تخاف على الجسد, وتدوس على الروح. الحرية هي المعنى الحقيقي لإنسان يريد أن يحيا, وأن يعيش, وأن يشعر, خلقنا الله أحرارا, فأستعبد بعضنا بعض, وقهر بعضنا بعض. لا بد من مزيد نحوها لتحقيقها, إنه طريق طويل, سلكته البشرية, نحو الحرية, مات فيها ملايين الأنفس, ضاعت دول وقبائل عبر العصور المختلفة من أجلها, إننا ننشد الحرية, منذ عصور تليدة, عصور ضاربة في الزمن البعيد, سفكت من أجلها دماء طاهرة وغير طاهرة, ناد بها كل ذي حس, كل ذي روح إنسانية, إن ضحاياها كثيرين, ومازالت!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى