الاستشفاء بالعسل في السنة النبوية
الاستشفاء بالعسل في السنة النبوية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فيقول الله تعالى في سورة النحل: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 68، 69].
وثبت عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشفاء في ثلاث: شربةِ عسلٍ، وشَرطة مِحْجِم، وكيَّة نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي))[1]، وفي حديث جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن كان في شيء من أدويتكم خيرٌ، ففي شرطة مِحْجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار يوافق الداء، وما أحبُّ أن أكتويَ))[2].
وصحَّ عن ابن مسعود رضي الله عنه: “عليكم بالشَّفائين؛ القرآن، والعسل”[3].
((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استَطْلَقَ بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسْقِهِ عسلًا، فسقاه، ثم جاء فقال: إني سقيته، فلم يزِدْهُ إلا استطلاقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسقِهِ عسلًا، فقال له ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة، فقال: قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله، وكذب بطن أخيك، فسقاه فَبَرَأ))[4].
ويمكن أخذُ العسل مباشرة، ويمكن خلطه مع غيره، مثل التلبينة؛ وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن التلبينة مُجِمَّة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن))[5]، والتلبينة حساء من دقيق، أو نخالة، فيه عسل أو لبن؛ سُمِّيَت تلبينة لأن لونها يميل للبياض، ولشبهها باللبن في رِقَّتِهِ[6].
ومثل السَّنُّوت؛ وقد ورد من حديث عبدالله بن حرام رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عليكم بالسَّنا والسَّنُّوت؛ فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام))[7]؛ يعني: الموت، واختلف في السنوت، فقيل: هو الكَمُّون، وقيل: العسل المخلوط بالسمن[8].
هذا ما تيسر جمعه، والحمد لله أولًا وآخرًا.
[1] رواه البخاري (5681).
[2] البخاري (5/ 2152، 2157) (5359، 5375، 5377)، مسلم (4/ 1729) (2205).
[3] رواه الحاكم (4/ 200)، وابن أبي شيبة (7/ 445) بسند صحيح، وصحح وقفه البيهقي، وابن كثير، وقال ابن حجر في الفتح (10/ 170): رجاله رجال الصحيح.
[4] رواه البخاري (10/ 139، 168)، ومسلم (2217).
[5] أخرجه البخاري (9/ 550، 10/ 146)، مع الفتح، ومسلم (2216).
[6] ينظر: (الفتح 10/ 146).
[7] أخرجه ابن ماجه (3457) والحاكم (4/ 201) وصححه، وتعقبه الذهبي بأن فيه عمرو بن بكر السكسكي متروك.
[8] الآداب الشرعية (2/ 398).