ويل ديورانت بين قصة الحضارة والفلسفة.. أبرز أعمال الكاتب الأمريكى بذكرى ميلاده
ثقافة أول اثنين:
ولد ويل ديورانت فى نورث أدامز بولاية ماساشوستس الأمريكية وتلقى تعليمًا كاثوليكيًا ولكنه تعرض لحالة تحول جذرى فاتجه إلى الفلسفة ونال فيها الدكتوراه عام 1917 وأصبح أستاذًا فى جامعة كولومبيا.
غير أنه أيضًا لم يتحمَّل رتابة العمل فهو يميل إلى الانطلاق والمغامرة فانطلق حُرًاً يلقى سلسلة من المحاضرات عن القادة والأبطال الذين تركوا تأثيرهم على حياة البشر ثم نشر كتابه (قصة الفلسفة) فلقى رواجاً كبيراً مكَّنته عوائده المالية من التحرر من رباط الوظيفة، ولهذا الكتاب بالعربية ترجمتان إحداهما لأحمد الشيبانى، والثانية لفتح الله المشعشع ثم أصدر كتابه (التحول) وهو يصوِّر طفرة الفكر التى انتابته وانفكاكه من أسر البرمجة الثقافية وتحرر عقله من الأفكار المسبقة ثم أصدر كتابه (مباهج الفلسفة) بمجلدين وقد ترجمه الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى ثم كتاب (مغامرون فى بحار العبقرية) ثم تفرغ لمشروعه الكبير (قصة الحضارة) وفى الجزء (39) وَعَدَ بأن يُصدر كتاباً مستقلاً عن (عظات التاريخ)، وقد وفى بذلك وترجم الكتاب الدكتور على شلش، وله كتاب بعنوان (تفسير الحياة) وآخر بعنوان (سيرة حياتنا) وهو سيرة حياته وحياة زوجته التى أضاف اسمها على أغلفة الأجزاء الأخيرة كمشاركة فى التأليف وعند نهاية حياته أنجز كتابه الأخير (أبطال من التاريخ) ومات عام 1981م وهو فى السادسة والتسعين من العمر.
قصة الحضارة
الطريق بين الهمجية والمدنية طريق طويل سارها الإنسان عبر آلاف السنين، التى شهدت إبداعات العقل البشرى ونقلته من الكلام إلى الزراعة والكتابة وظهور المهن والحرف.. سنوات مديدة أودع قصتها فى هذا العمل الضخم (ول ديورانت)، متتبعا هذه المسيرة ومقسما إياها وعلى مدار مجلدات الكتاب إلى نشأة الحضارة والشرق الأدنى والهند وجيرانها، وكذلك الصين واليابان كشرق أقصى وحياة اليونان..مرورا بقصة قيصر والمسيح، وصولا إلى أوربا فى عصور نهضتها وثورتها وإصلاحها الديني، متتبعا فيها مشاعل الفكر والفلسفة التى غيرت من مجراها التاريخى مثل فولتير وجان جاك روسو. أنه عمل قيم قد لا يخلو من أخطاء ولكنه يبقى محتفظا بقيمته، وقد قام بترجمة أجزاء منه الدكتور “زكى نجيب محمود” والأستاذ “محمد بدران” وأخرى الأستاذ “فؤاد أندراوس”.
قصة الفلسفة
يمكن وصف هذا الكتاب الممتع، لأن هذا المؤلف هو أول مؤلف أعطى الفلسفة، وهى ذاك الموضوع العويص المسربل بالغموض والإبهام، نكهة يستسيغها القارئ العادي، ويستمتع بها حتى الفرد ذو الثقافة المتوسطة.
فإبداع ويل ديورانت فى هذا الكتاب يتمثل فى بحثه لشتى الفلسفات من يونانية وأوروبية، بأسلوب روائى مبسط وطلي، أسلوب ييسر حتى لطلاب الفلسفة المبتدئين، وحتى للقرّاء العاديين أن يجدوا فى الفلسفة موضوعاً شائقاً وطلياً، لا يستوجب ذاك المقدار من العبوس والتجهم والرصانة والتركيز والتأمل، فالمؤلف كما سيلمس القارئ، حين مطالعته لهذا الكتاب لم يفصل أية فلسفة عن فيلسوفها، كما جرت العادة حين بحث الكتاب فى المواضيع الفلسفية، بل قام فجعل من الفيلسوف وفلسفته وحدة متكاملة، وهكذا أشاع الحياة فى المواضيع الفلسفية، إذ جعل كل فلسفة تنبض بحياة فيلسوفها وتنفعل بانفعالاته، وتتفاعل ومجتمعه.