ناشرون ومثقفون: القراءة معادل للحياة ومحفز للخيال واكتساب المعرفة
ثقافة أول اثنين:
“نحن نقرأ لأننا نتنفس، نحن نقرأ لأن القراءة جزء من الخبرة الإنسانية التي تتجاوز تلقي العلوم والمعارف”، هكذا أكد مجموعة من الأدباء والأكاديميين والمتخصصين في عالم النشر، ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، عند سؤالهم: “لماذا نقرأ“.
يقول الدكتور وائل فاروق، أستاذ الدراسات العربية في “جامعة القلب المقدس الكاثوليكية” في مدينة ميلان الإيطالية: “نحن نقرأ لأن ما يقرأ يشكل جزءاً من الخبرة الإنسانية من الصعب أن تزول بسرعة، أما ما نتلقاه عبر الوسائط الإعلامية المختلفة، فإنه سريع في الزوال كما هو سريع التلقي. وبالتالي فإن القراءة فعل مهم جداً للاحتفاظ بالذاكرة التي يبدو أنها في خطر في عالم اليوم، كما أننا عندما نقرأ فإننا نحفز الخيال الإنساني الذي يلعب دوراً كبيراً في تجسيد ما نقرأه، لأن الكلمات رموز للأصوات، فأنت عندما تقرأ خيالك هو الذي يحول تلك الرموز إلى صور ومعاني وهذه أيضاً تجربة إنسانية مهمة لتكوين الشخصية الإنسانية، فنحن لا نقرأ لنعرف الجديد فقط، ولا نقرأ لنتعلم أشياء عن العالم، نحن نقرأ لننمو”.
بدوره، يؤكد الروائي والإعلامي شاكر نوري، أن سؤال لماذا نقرأ مواز لسؤال آخر، هو: لماذا نتنفس؟ فالهواء الطلق الحقيقي هو هواء الكلمات، مضيفا نحن كأمة عربية نسبح في 12 مليون مفردة في اللغة العربية التي لا يضاهيها لغة أخرى في العالم في عدد الكلمات، فالإنجليزية والفرنسية في كل منهما نحو 500 ألف كلمة، هذا يجعلنا نقول: إن القراءة هي أساس الوصول إلى المعرفة، وهذا يجعلها أساسية في حياتنا، سواء في مجال التعليم أو الأدب، ولكن في هذا العصر يبدو أن الشباب مائل إلى الاختزال، فمع أهمية القراءة تأتي أيضاً أهمية أن نخاطب الجيل الجديد بأسلوب متجدد في الكتابة“.
أما الكاتب والإعلامي حسين درويش، فيرى أننا نقرأ لنغذي جوانب في شخصياتنا وأرواحنا، فالقراءة جزء أساسي من أمتنا العربية التي تشكل القراءة جزءاً من شخصيتها. ويقول: “هنا يبرز سؤال آخر هو “ماذا نقرأ”، إذ ليس كل ما يكتب ينشر، وليس كل ما ينشر يقرأ، وبالتالي فإنه في زحمة النشر الكبير علينا أن نختار ما الذي يعنينا من الكتابة، وهذا ليس انتقاداً لصناعة النشر، ولكن هو عبارة عن مطالبة بوضع الشيء في مكانه، كما تقتضيه الحكمة، فمن الممكن أن تختار أحد ما كتاباً مناسباً لظروفه المعرفية والثقافية والعلمية، وهو لا يناسبني أنا، هذا ليس عيباً في الكتاب، ولكنه خطأ في اختيار الكتاب المناسب للشخص المناسب. وهنا يجب أن نتعامل مع الترويج للقراءة بأدوات حديثة، حتى يعرف الأجيال لماذا يقرأون، وماذا يقرأون.
أما الناشر محمد مولود عبد العزيز، صاحب دار العرفان الوقفية العامة في موريتانيا، فيقول: “القراءة عملية أساسية لتنمية العقل والفكر، تماماً كما يعتبر الطعام والماء غذاءً ضرورياً للأجسام، فمن خلال القراءة ننمو ونتطور، ونكتسب المعرفة، وإذا كنا نفهم أهمية الغذاء لصحتنا الجسدية، يجب أن نفهم أن القراءة هي غذاء عقولنا وتفكيرنا. كذلك فإن القراءة التي نتحدث عنها هي كلمة عامة، تشمل التقنيات الحديثة، فتاريخياً، قام الإنسان بتسجيل المعرفة والأفكار بأشكال مختلفة؛ إذ بدأ الأمر بالرسوم على الألواح الحجرية، ثم تطورت هذه العملية إلى ابتكار الحروف والكلمات، والكتب الورقية لا تمثل سوى جزء صغير من عالم القراءة المتنوع”.