أمير الشعراء كاتبا للرواية.. ماذا جاء فى رواية أحمد شوقى عذراء الهند؟
ثقافة أول اثنين:
تحل اليوم ذكرى رحيل نابغة الشعر العربى أحمد شوقى الذى يعتبر أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور حتى أن الأدباء والشعراء بايعوه في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ “أمير الشعراء”، غير أن أحمد شوقى لم يكتف بالشعر فكتب النثر أيضا ومن رواياته عذراء الهند التي نتناولها فى هذا السياق.
رواية عذراء الهند
تدور أحداث الرواية في عهد “رمسيس الثاني” الذي هزم زعيم الهند “دهنش”، وتدورُ الرواية حولَ ابنتِه “عذراء الهند” التي تقع في غرامِ ابنِ “رمسيس” الأميرِ “آشيم”، فنفاها والدها عقابا لها إلى جزيرةِ العذارى، وتَتوالى الأحداث حتى يتمَّ زواجهما ويقتل الأمير وتنتحر الأميرةُ يوم عرسها والروايةُ أشبهُ بدراسة مقارنة بين الحضارة المصرية القديمة وثقافتها، وبين مِصرَ في عهد كتابة الرواية بأسلوب رمزي.
ومما جاء في الرواية أن عذراء الهند هذه، هي إحدى الفتيات، ولكنها في الحقيقة مولاتهن، والسبب في وجودهن في الجزيرة على تلك الحال، وهى بنت الملك “دهنش” وهو ملك من ملوك الهند الشرقية، جعلها أبوها هنالك في مائة عذراء من أترابها كريمات الملوك والأمراء، وبنات الوزراء والكبراء، وضَرَبَ لإقامة الجميع بالجزيرة أجَلًا سبعَ سنواتٍ كوامِلَ، مضى منها ستٌّ وبقيتِ السابعة التي نحن بصدَد حوادِثها الآن، وكان فِعْل الملك هذا صادرًا عن نصيحة أحد كِبار المنجِّمين له وإشارته عليه، ولذلك حديثٌ عجيبٌ نَسوقُه للقارئ مجملًا في هذا الفصل، ليعلم أسباب الغَرَام المبنيَّة عليه الرواية، كيف نشأتْ وأسرار حوادثه، كيف بدأتْ فنقول: كان ﻟ “دهنش” مُلْك الهندَيْن يَسُوسه وينهض به جميعًا، وكانت أعلامُ سيادته منشورةً على ملوك القطرين أجمَعين، إلى أن ارتاحَ “رمسيس الثاني سيزوستريس” مَلِك مصر، فيما كانت ترتاحُ إليه هِمَّتُه العَلِيَّة من كِبار المشروعات الفتحيَّة إلى الاستيلاء على هاتيكَ الأقاليم، واتِّخاذِها أسواقًا لتجارات وطنِه الفخيم، ومستعمرة جسيمة يُعز بها آيةَ مُلْكه الجسيم، فغَشِيَها بالجَحَافل بَرًّا والأساطيل بحرًا، حتى تملَّكَها قَسْرًا، وأخذَ «دهنش» في جملةِ الأسرى.
غير أن فرعون لم يلبث أن شاوَرَ في الأمر عقلَه، ونظر في العواقب نظرَ حكمتِه، فرأى أن مُلْكًا كمُلْك الهندَيْن محتاجٌ إلى مَلِك يتفرَّغ لتدبيره، أو يكون سريره على الأقلِّ قريبًا من سَريره، وأن بقاءَ الهندين في قبضة مصر واستمرار تبعيَّتهما لملوكِها العالين أمران لا يُمكن أن يكونا إلا إلى حِين؛ فانتهج تلقاءَ هذه التأمُّلات سياسةً حَسَنة، بأنْ جَعَل الهندَ الغربية التي هي أقربُ إلى البلاد المصرية، وأيسر مَنالًا على سُفنها حربيةً كانتْ أو تجارية، ممالك شتى صغيرة من نظامٍ واحد، بملوك مستقلِّين بعضهم بإزاء بعض، ومستظلِّين تحت لِوائه، يُقدِّمون له الجِزْيَة، ويُمهِّدون السبيلَ لمَتَاجِر النيل، ثم أنعم على «دهنش» بالهِند الشرقية جَمعاء، يستقلُّ بمُلْكها ويحكم بلادَها كيفَ شاء.
وكان “رمسيس” قد استصحَبَ معه في تلك الحَملة الكبرى ابنَه ووليَّ عهدِه الأميرَ “آشيم”، وكان في بداية صِباه، وكانت مع “دهنش” فتاتُه عذراء الهند، وكانت طفلة كذلك، فلما ردَّ فرعونُ عليه مُلْكَه، وأعاد إليه بلاده، دخل عليه في آلِه ورجالِه يؤدُّون شُكْر إحسانه الذي لا يؤدَّى. فكان أولَ مَنِ ابتَدَرَ لَثْمَ نِعَالِه، عذراءُ الهند على صِغَر سِنِّها، وقصور إدراكها؛ فأعجبه ذلك منها واستَلْطَف روحَها ومنظرَها، فطلب إلى والدها أن تَبْقَى مع «آشيم» تؤنِسُه ويؤنسها مُدَّة إقامتِه القصيرة بالهند.