رحلة طه حسين للحج.. ماذا قال عنها وهل رفض الشيخ الشعراوى استقباله هناك؟
ثقافة أول اثنين:
طه حسين.. أحد أشهر الكتاب والمفكرين المصريين فى القرن العشرين، استطاع أن يؤسس نهضة أدبية وتعليمية، وخلال الشهر الحالى، تمر 50 عاما على رحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والذي رحل في 28 أكتوبر من عام 1973، ولهذا تناول حكايته خلال رحلته لأداء فريضة الحج، وماذا قال عنها وهل رفض الشيخ محمد متولى الشعراوى استقباله هناك؟.
في عام 1955 ذهب عميد الدب العربى طه حسين لأداء فريضة الحج، وكان لتلك الرحلة صدى كبير في نفسه، فأول ما نزل بالأراضى المقدسة، تم استقباله استقبالا مهيبًا، من الأمراء والأعيان والأدباء والإعلاميون، كما احتفت به المؤسسات الثقافية والهيئات العلمية كافة.
كما كان في استقبال عميد الأدب العربى الشيخ محمد متولى الشعراوى، والذى كان يعمل وقتها أستاذاً في كلية الشريعة، ورحب بطه حسين ترحيبا كبيرًا، وألقى قصيدة قال فيها: هو طه فى خير كل قديم.. وجديد على نبوغ سواء.. يا عميد البيان أنت زعيم.. بالأمانات أريحى الأداء.. لك فى العلم مبدأ طحسنى.. سار فى العالمين مسرى ذكاء”.
الدكتور طه حسين يؤدى فريضة الحج
وأعرب طه حسين عن سعادته بهذه الرحلة الإيمانية إلى الحجاز، وقد نبه مرافقه الشيخ أمين الخولي وهما يغادران مدينة جدة قاصدين البيت الحرام في مكة المكرمة أن يوقف الركب عند الحديبية، فلما توقفا عندها ترجّل الرجل وقبض من تراب الحديبية قبضة فشمّها ثم تمتم ودموعه تنساب على التراب قائلاً: “والله إني لأشم رائحة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في هذا التراب الطاهر“.
وقد كان لهذه الزيارة المقدسة أثرها الكبير، الذى رصدته الكتب، ومن ذلك كتاب “رحلات الأعلام إلى البلد الحرام” لـ محمد عبد الشافى القوصي، وقد صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ومما جاء فى الكتاب: كان لهذه الرحلة صدى واسع في كل مكان، وكان استقباله هناك مهيباً وعرساً لا مثيل له، حيث كان في استقباله العاهل السعودي، الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، والأمراء والأعيان والوجهاء والأدباء والإعلاميون، واحتفت به المؤسسات الثقافية والهيئات العلمية جميعها.
كما استقبلته هناك بعثة الأزهر الشريف، وكان من بين أعضائها الشيخ محمد متولي الشعراوي، حيث كان يعمل أستاذاً بكلية الشريعة –فلم يقف الشيخ موقفاً سلبياً مجاراة لخصومة الأزهريين المعروفة –آنذاك – لطه حسين، بل على العكس، رحب به –الشعراوي- ترحيباً كبيراً وحياه، وألقى قصيدة طويلة احتفاءً به.
ويقول المؤلف إن طه حسين تعجب من تلك الحفاوة الكبيرة في الاستقبال، وهذا الاستقبال الرسمي والشعبي المهيب، فقال: “معذرة إليك يا صاحب السمو، ومعذرة إلى الذين تفضلوا فاستجابوا لهذه الدعوة من الزملاء والزائرين، معذرة عن هؤلاء المواطنين الذين أخطأوا موضع التكريم، ووجهوه إلى غير من كان ينبغي أن يوجه إليه، فقد أكثروا واشتطوا وأسرفوا على أنفسهم وعلى الناس.. وأقول لهم: دعوا أخاكم هذا الضعيف، وما قدم إليكم من خير قليل، واصنعوا خيراً مما صنع، وأخطر مما صنع، وأريحوه من إطالة الثناء: لأنها تخجله وتشعره بأنه يسمع ما ليس له الحق فيه”، وأؤكد أنهم قالوا فأسرفوا علي وعلى أنفسكم، ولكن نيتهم كانت خالصة، وقد قال نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وهؤلاء قد نووا خيراً، وقالوا خيراً، فليعف صاحب السمو، فهم قد أخطأوا، فوجهوا الثناء إلى غير مذهبه، وقالوا المديح في غير أهله، وليذكروا أنهم هنا في هذه البلاد يمثلون وطنهم، وأن يقدروا أن إخلاصهم في حب هذا الوطن وجهدهم في خدمته، وفناءهم في ترقيته والمشاركة فيه مخلصين، إنما هو إخلاص لله قبل كل شيء، فهي أرض الله، فيها أشرق نور الله، ومنها انبعث هذا النور، فهدى أوطاننا جميعاً إلى الحق وسلك بها سبيل الخير”.