ماذا قال عميد الأدب العربى طه حسين عن محمد عبده وأحمد كمال باشا؟
ثقافة أول اثنين:
تمر خلال الشهر الحالى ذكرى رحيل طه حسين، والذى رحل عن عالمنا فى 28 أكتوبر من عام 1973، وقد تأثر عميد الأدب العربى بعدد من الكتاب والمفكرين من أبرزهم الشيخ محمد عبده الذى وافقه الرأى فى بعض القضايا وخالفه الرأي فى قضايا أخرى لكن تأثيره ظل واضحا وقد ذكره عميد الأدب العربى بنفسه أكثر من مرة، إلى جانب تأثيره الواضح بأحد كمال باشا.
وقد ورد في كتاب “ما بعد الأيام” للدكتور محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر أثناء حرب أكتوبر 1973 والصادر عن “دار الهلال” عام 1986 والذى يتناول حياة الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى وحياة مصر الثقافية فى خمسين عاما، تبدأ من ثلاثينيات القرن الماضى وتنتهى مع وفاة طه حسين فى 28 أكتوبر 1973 أنه فى الإسكندرية التقى لطفى السيد بك بالدكتور طه حسين، وقال له سنحتفل قريبا بذكرى الإمام محمد عبده، فحضر نفسك ماليا وأديبا، وهنا رد طه حسين: ماليا نعم، وسأل: كم يدفع الباشوات والمشايخ الكبار؟، فأجأب لطفى السيد: “خمسة جنيهات”.
رد طه حسين بأنه يلتزم بالنصف، أى بجنيهين ونصف جنيه، أما أدبيا فإنه يعتذر، وذكر أسباب اعتذاره فى أن حفلة التكريم بطبيعتها يجب أن تكون كلها إشادة بامتياز الشيخ محمد عبده، بينما هو له رأى مختلف، فهل كان له رأى سلبى فى محمد عبده بكل قيمته الفكرية والدينية فى تاريخنا؟
يؤكد طه حسين أن محمد عبده من أعظم المصلحين ومن أفذاذ المجددين، لكنه يختلف معه فى قضية أخرى اختلافا تاما: “لا أستطيع أن أتابعه فيما اتجه إليه من محاولة تفسير القرآن الكريم بحيث يكون ملائما للعلم كما نعرفه فى وقتنا الحاضر، لأن القرآن ثابت والعلم متغير، والإيمان بالقرآن الثابت لا ينبغى أن يحتاج إلى محاولة الملاءمة بينه وبين ما يعرفه الناس من العلوم فى جيل ما، فى بلد ما، قد ينقضه علم جيل آخر أو بلد آخر”.
ويعترف الدكتور طه حسين بتأثره بأحمد كمال باشا، كاشفا فى سيرته “الأيام” أنه حين التحق بدراسته فى الأزهر بدءا من عام 1902 لم يكن سمع قط درسا فى تاريخ الفراعنة، ولم يسمع اسم رمسيس أو إخناتون، وبعد التحاقه بالجامعة المصرية عام 1908 “رأى نفسه ذات ليلة فى غرفة من غرفات الجامعة يسمع الأستاذ أحمد كمال يتحدث عن الحضارة المصرية القديمة، ويذكر رمسيس وإخناتون وغيرهما من الفراعنة، ويحاول أن يشرح للطلاب مذهبه فى الصلة بين اللغة المصرية القديمة واللغات السامية ومنها اللغة العربية، ويستدل على ذلك بألفاظ من اللغة المصرية القديمة يردها إلى العربية مرة وإلى العبرية مرة وإلى السريانية مرة أخرى، وهو أعظم دهشة وذهولا حين يلاحظ أنه يفهمه فى غير مشقة ولا جهد”.