حاكم الشارقة يفتتح أعمال الدورة الـ 12 من المنتدى الدولى للاتصال الحكومى (صور)
ثقافة أول اثنين:
وأكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للإعلام، فى كلمة افتتاح المنتدى أن تحويل الموارد إلى ثروات لا يمكن أن يتحقق إلا بمثلث المورد الطبيعى والمورد البشرى المؤهل، والتكنولوجيا المتطورة، مستعرضاً سموه نماذج رائدة من التاريخ والحاضر حول استثمار تلك الموارد، لتحقيق الأمن الغذائي، ومبيناً أهمية تشجيع التفكير الاقتصادى والإدارى فى استغلال الموارد الطبيعية.
وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى نحن هنا لنناقش ونتحاور ونسلط الضوء على أفكار وحوارات تبلورت على مدار الأعوام السابقة، تولدت منها أفكار كثيرة، تحولت إلى حقائق، ولنستعرض الحلول، ونتساءل: كيف يمكننا تحويل الموارد إلى ثروات على أرض الواقع؟ فالله تعالى لم يخلق هذه الأرض إلا وجعل مواردها تكفى من يسكن فيها، مثلث الإجابة عن هذا السؤال: مورد طبيعي، مورد بشرى مؤهل، وتكنولوجيا متطورة .
وأضاف الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى فى مصر القديمة، وفى بلدة تسمى طيبة، استشرف أهلها مجاعة محتملة، قد تستمر لأعوام، وتؤثر على موردهم الرئيسى للغذاء، فمحصول القمح فى تناقص، لذلك استعان الملك آنذاك بمورد بشرى خبير فى عمله، وضع خطة محكمة ودقيقة، تفتقت فيها خلاصة الفكر لابتكار تقنيات جديدة لحفظ القمح لسنوات المجاعة. هنا تساءل الناس: لماذا هذا العدد الكبير من صوامع الغلال؟ ما الجدوى من حفظ القمح فى سنبله؟ لماذا هذه الطريقة المبتكرة؟ كانت الإجابة حاضرة، المجاعة ستعم، وسيستعين بنا الآخرون، وسننقذهم من مخزوننا. وهنا تبرز العبقرية الاقتصادية والإدارية فى تحويل الموارد إلى ثروات. أعتقد أن بعضكم أدرك بأننى أتحدث عن يوسف عليه السلام .
ولفت الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى إلى الشارقة كنموذج رائد فى استثمار القمح كمورد طبيعى هو من أقدم المحاصيل الزراعية التى عرفتها البشرية، وثانى أضخم محاصيل الحبوب فى الكرة الأرضية، ومصدر رئيس للغذاء لأكثر من نصف سكان العالم، قائلاً : نحن كذلك فى الشارقة، استشعرنا هذا الخطر، فأطلق الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مشروع الأمن الغذائي، وبدأه بمزارع القمح، حيث اختار أفضل بقعة فى قلب الصحراء، وأجرى عشرات التجارب العلمية لاختيار أفضل نوع من القمح يصلح للزراعة، وحل مشكلة المياه بربط التربة بالأقمار الصناعية التى تعطى الأوامر بالرى حسب الحاجة. وفى العشرين من مارس من هذا العام أكلنا أول رغيف بُذر وحُصد وخُبز فى الشارقة، والعمل جار على مشاريع تحقق الأمن الغذائى المنشود لننتقل من دائرة الحاجة إلى دائرة الاكتفاء لنا وللأجيال المقبلة .
واختتم الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى بالإضاءة على أهمية القضية التى يطرحها المنتدى فى دورة هذا العام، فقال نسلط الضوء على تجارب عالمية ناجحة فى استثمار الموارد، نحاول استعادة زخم الحوار الدولي، ونؤكد التزامنا فى البحث عن حلول ممكنة لتحديات العصر، فالشارقة اليوم، مثلما تشارككم تجربتها فى هذا المنتدى، فهى تتطلع للاستفادة من خبراتكم للإصغاء لكم، ولمحاولة قول ما لم يقل حتى اليوم حول الثروات والاستدامة، لتحقق شعار المنتدى “موارد اليوم .. ثروات الغد” .
بدوره، تحدث طارق سعيد علاى مدير عام المكتب الإعلامى لحكومة الشارقة خلال افتتاح أعمال المنتدى، عن التحديات التى يواجهها العالم فى مجال الثروات والموارد، وأكد أن هذه القضية ليست قديمة، بل هى معاصرة وتزداد أهمية مع مرور الوقت، حيث يواجه العالم تحدياً كبيراً ليس فى ندرة الموارد، بل فى كيفية إدارتها واستثمارها بشكل فعّال.
وقال علاى بالنظر إلى كل هذه الحقائق تظهر المهمة المركزية للاتصال الحكومي، والتى تتجسد فى رسم وتوجيه مسار التغيير؛ فنحن نعلم أن السياسات والخطط وحتى الحلول تظل حبراً على ورق إذا لم تتحول إلى ممارسة واعية للمجتمعات وسلوك يومى يضع الطموحات والأهداف فى مسار التحقق والتنفيذ، لهذا نلتقى لنفعّل دور الاتصال الحكومى فى رفع وعى الأفراد والمجتمعات، ونؤكد أن ما يزيد عن استهلاكنا كفيل بسد حاجة شخص ما حول العالم، وننتقل إلى تصويب القرارات الكبرى للمؤسسات الرسمية والكيانات الاقتصادية .
واختتم مدير عام المكتب الإعلامى لحكومة الشارقة حديثه بالقول علينا كعاملين فى الاتصال الحكومى أن نتوجه برسالتنا لكل شخص ونقول له: (أنت قادر على التغيير مهما كان موقعك؛ سواء كنت إنساناً عادياً أو مقرراً فى الشؤون الكبرى أو قائد مؤسسة اقتصادية)، وعلينا أن نؤمن بأن هذه اللقاءات والفعاليات التى تجمع أفضل العقول من حول العالم تعد مورداً حيوياً تخرج منه كنوز عظيمة، فثروات الأفكار تجعل العالم مكاناً لائقاً للجميع بدون استثناء .
وتحت عنوان: “كيف نبنى للبشرية مستقبلاً مستداماً؟”، تحدثت مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخى والبيئة ورئيسة مجلس الإمارات للأمن الغذائي، مؤكدة أن الاستدامة فى الإمارات هى رحلة بدأها المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستكملها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، ويسير على خطاهما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وإخوانه أصحاب السمو حكّام الإمارات، مشيرةً إلى جهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذى يرسخ نهجاً جديداً للاستدامة فى التعليم والثقافة والبيئة والتنمية.
وقالت المهيرى نخطط فى الإمارات لمضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، وتعد الإمارات أولى دول المنطقة التى توقع اتفاق باريس للمناخ بل وتُعلن عن استراتيجيتها لتحقيق الحياد المناخى بحلول عام 2050. ولتحقيق ذلك، التزمت الدولة بتقليل الانبعاثات بنسبة 40٪ بحلول 2030. وبجانب ذلك، تعمل جميع الإمارات السبع معًا لحماية التنوع البيولوجى الهائل، والأنواع المهددة بالانقراض، وبناء أكبر حاضنة للشعاب المرجانية فى العالم وستكون بمساحة 300 ألف متر مربع عند اكتمالها.
أضافت وزيرة التغير المناخى والبيئة أنه سيتم زيادة زراعة أشجار القرم لمكافحة انبعاثات الكربون، وقد حقق “تحالف القِرم من أجل المناخ” الذى يضم 17 شريكًا عالميًا يقلدون تجربة الإمارات فى زيادة غطاء القرم المحلى لديهم، نجاحًا كبيرًا حتى الآن، مشيرةً إلى أنه من خلال COP28، نريد تحقيق هدف واحد هو؛ حماية الأرض بخطوات ملموسة وترك إرث من خلال تشجيع الحاضرين على التوقيع على إعلاننا بشأن الزراعة المستدامة وإنتاج الغذاء .
وتابعت المهيرى تتميز تجربة الإمارات فى مجال الاستدامة بالواقعية؛ فهى تضع استراتيجيات وحلولاً مبتكرة للحفاظ على الموارد والتنمية المستدامة، حيث لم تكتفِ بالنفط كمورد رئيس للطاقة، بل أدركت قيادتها الرشيدة أن النفط مورد ينضب، وأن آخر برميل نفط هو احتفال وليس أزمة. لذلك، توسعت الإمارات فى مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، وخططت لزيادة مساهمتها فى مجموع الطاقة المتجددة، كما تسير الإمارات بخطى واثقة لتشغيل محطات براكة للطاقة النووية النظيفة السلمية، لتوفير احتياجات الدولة من الكهرباء بطريقة نظيفة وآمنة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الإمارات على التزاماتها الدولية فى مجال حماية البيئة وخفض الانبعاثات، وتشارك فى الاتفاقيات والمبادرات التى تهدف إلى مواجهة التغير المناخى والحفاظ على كوكب الأرض .
وشهدت فعاليات افتتاح المنتدى خطاباً ملهماً للقاضى الأمريكى فرانشيسكو كابريو، المعروف “بالقاضى الرحيم”، تحدث خلالها حول رحلته كقاضٍ وكيف تعلم من والده أن يكون رحيماً ومتفهماً مع الناس الذين يأتون إلى قاعة المحكمة، وشارك بعض القصص المؤثرة عن القضايا التى حكم فيها وكيف أثرت على حياته وحياة الآخرين، مبيناً أهمية التواصل الفعال والتكنولوجيا فى نشر رسالة الرحمة واللطف فى عالم مضطرب، ومثنياً على الشارقة والإمارات كمثال رائد وحقيقى للعناية والرعاية.
وقال القاضى الأمريكى أعتقد أن القاضى ليس مجرد موظف حكومى يطبق القانون بحرفية، بل هو إنسان يتعامل مع إنسان. لذلك، يجب أن يكون القاضى عادلاً ومنصفاً ومحايداً، ومع ذلك عليه أن يكون رحيماً ومتفهماً ومتعاطفاً مع الناس الذين يأتون إلى قاعة المحكمة، كما أن القاضى له دور هام فى تثقيف وتوجيه ومساعدة الناس على حل مشاكلهم والتغلب على تحدياتهم. لذلك فإننى أحياناً، أجعل الناس يضحكون أو يبكون أو يشعرون بالإلهام. أحياناً، أخفف من عقوباتهم أو أعفيهم منها إذا كانوا يستحقون ذلك .
وأضاف القاضى لديه فرصة فريدة لإظهار جانب إيجابى من الحكومة والسلطة. لذلك، أحاول دائماً أن أكون مثالاً حسناً وأظهر احتراماً وثقة وشفافية فى تعاملاتي، وذلك كان ممكناً بفضل الفهم الكامل لدور الاتصال المباشر، فأنا كقاضى أتحدث مع الناس نيابة عن الحكومة، لهذا على أن استجيب لاحتياجاتهم، ولأحقق ذلك بفعالية، أخترت أن لا أتحدث من وراء الألقاب، وإنما أن أستمع بقلبي، لأننى أؤمن بأننا فى يوم ما فإننا كلنا سنقف ونحاسب على مسيرتنا فى الحياة، وحينها سيكون السؤال عن الأمل والفرق الذى أحدثناه فى حياة الناس من حولنا .
وتحدث القاضى فرانشيسكو كابريو عن طريقته فى التعامل مع الأطفال الذين يأتون إلى قاعة المحكمة مع آبائهم، حيث أوضح أنه يحاول جعل قاعة المحكمة مكاناً ممتعاً وتعليمياً للأطفال، ويدعوهم إلى المشاركة فى اتخاذ القرارات. وقال // الأطفال دائمًا صادقون وشجعان، وأنا أكافئهم على صدقهم بالإعفاء من الغرامات أو تخفيضها، وهذا بدوره يخلق احتراماً وثقة بين الحكومة والشعب، ويسهم فى تحقيق العدالة بطريقة عادلة ورحيمة .
وضمن خطابات المنتدى، وتحت عنوان: “كيف نرسم خريطة عالم خالٍ من الجوع؟”، تحدثت فاندانا شيفا، الباحثة والناشطة البيئية، حول الحلول المبتكرة لأزمة ندرة الموارد ومكافحة الجوع فى العالم، مشيرة إلى أن الطعام هو أكثر من مجرد ضرورة للبشر، بل هو العملة الأساسية للحياة على الأرض.
وقالت شيفا أن شبكة الحياة هى فى الواقع شبكة غذائية، وعندما تتعطل تؤدى إلى أزمة مزدوجة، أزمة بشرية حيث يكون هناك عدد كبير من الأشخاص ليس لديهم طعام، وعدد أكبر ليس لديهم طعام صالح للأكل، إذ تؤدى الزراعة الموحدة واستخدام المواد الكيميائية بشكل مفرط، والأسمدة الاصطناعية، والمبيدات الحشرية فى تدمر بيئتنا وتؤدى إلى انهيار تدريجى لحدود كوكبنا، وذلك يقودنا إلى الانقراض .
وأضافت علينا أن نعرف، بأن نظام الغذاء السيء هو فى الأصل سبب الوباء المزمن للأمراض، فنحن نخسر تريليونات الدولارات سنويًا بسبب السرطان، والسكري، والعقم، وعيوب الولادة، وذلك لأنه توجد هناك علاقة جذرية بين صحة الأمعاء لدينا، وأدمغتنا، وكيف نزرع ونعد طعامنا، لهذا علينا العمل على تحويل نظام غذائنا، وتعليم الأجيال الجديدة كيفية حماية صحة الأرض من خلال إنتاج الغذاء بطريقة مستدامة، وليس بطريقة تزيد من تداعيات التغيّر المناخى .
من جهتها، تناولت يولاند راندريانامبينينا، المتخصصة فى الطاقة الشمسية، تجربتها الملهمة للعالم، والتى ساهمت فى تجهيز أكثر من 200 منزل بألواح الطاقة الشمسية فى قرية صغيرة فى مدغشقر بجهد محلى كامل على أيدى نساء القرية.
وفى كلمتها التى حملت عنوان: “يولاند.. الطاقة من يد امرأة”، قالت يولاند // قبل عدة أعوام، قررت أن أعمل على توليد المعرفة لدى نساء قريتنا للحصول على الطاقة، من خلال تعليمهن أساسيات توليد الطاقة عن طريق الألواح الشمسية. ثم نظّمت رحلة إلى الهند لستة أشهر، حيث تدربت نساء القرية على تقنيات الطاقة الشمسية مع خبراء هنود. ورغم عدم إجادتهن للغة الإنجليزية، استطعن التواصل بلغة الإشارة والحصول على المعرفة. والآن، كل عضوة فى الجمعية أصبحت خبيرة فى صناعة الطاقة الشمسية، وقد أثبتت هذه التجربة أنه لا توجد عوائق أمام من يريد الإنجاز .
وأضافت فى قريتنا، تعلمت النساء كيف ينتجن ألواح الطاقة الشمسية واحترفن صيانتها، وبعد ثلاثة أعوام من التدريب فى الهند، أنشأنا مركز تدريب جديد فى ملجاسي، لنشارك خبراتنا مع نساء أخريات، وليس هذا فحسب، بل يقوم المركز أيضاً بتقديم دورات فى محو الأمية والقراءة والكتابة، لتمكين النساء من الحصول على المعرفة والثقافة .
وتخلل حفل الافتتاح عرض مرئى عبّر عن شعار المنتدى الدولى للاتصال الحكومى لهذا العام، مستعرضاً ما يمكن أن تؤول إليه البشرية فى حال عدم تركيز اهتمامها على الموارد التى تمتلكها، وكيف يمكن أن تصبح الحياة قاسية فى حال تخلى الإنسان عن دوره كمسؤول عن حماية الأرض وثرواتها، كما تضمن الحفل الذى قدمه الإعلامى محمد الطميحى مقدم البرامج فى قناة العربية فقرتين حواريتين مع كل من الناشطة البيئية الشابة غاية الأحبابى سفيرة اليونيسيف لمؤتمر الأطراف COP28 الملقبة بالفتاة الخضراء، والطفلة غميلة الكتبى حيث عبرتا عن تصورهما للمستقبل وما يطمحن للوصول إليه لتحقيق تطلعات وأهداف دولة الإمارات على وجه العموم وإمارة الشارقة على وجه الخصوص.
حضر افتتاح فعاليات المنتدى الدولى للاتصال الحكومى بجانب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة كل من: الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان رئيس المكتب الوطنى للإعلام، والشيخ خالد بن عبدالله القاسمى رئيس هيئة الشارقة للموانئ والجمارك والمناطق الحرة، والشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمى رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ فاهم بن سلطان القاسمى رئيس دائرة العلاقات الحكومية، والشيخ محمد بن حميد القاسمى رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمى رئيس دائرة شؤون الضواحى والقرى، والشيخ سلطان بن عبدالله بن سالم القاسمى مدير دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، والشيخ فيصل بن سعود القاسمى مدير هيئة مطار الشارقة الدولي، والشيخ سالم بن محمد بن سالم القاسمى مدير هيئة الإنماء التجارى والسياحي، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين رؤساء الدوائر الحكومية وأعضاء السلك الدبلوماسى وجمع من الإعلاميين والمختصين.