قصائد العتاب والشجن والحنين في أمسية ببيت الشعر بالشارقة.. صور
ثقافة أول اثنين:
نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية، شارك فيها الشعراء يوسف الحمود، دانة أبو محمود، وسعيد المنصوري، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت.
قدم الأمسية الشاعر رجب السيد الذي تحدث عن تجربة بيت الشعر في تحقيق إنجازاًت ملموسة في المشهد الثقافي كونه أحد الوسائل في الاختيارات الناجحة للأسماء الشعرية المجنحة، فقد أصبح البيت منجماً خلاقاً لاستقطاب نماذج عالية من المبدعين، فأمسياته تؤكد أن الشعر لا يمكن أن يموت في ظل حفاوة جمهور الشعر الذين يتنامون بغزارة في كل أمسية، فضلاً عن الحضور الكثيف لنقاد الشعر والأدب والعديد من المثقفين والأستاذة الأكاديميين في ظل رعاية ودعم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي كرست مبادراته الثقافية لاستصفاء التجارب الشعرية والاحتفاء بنماذجها المتفردة في الحياة الإبداعية.
جانب من حضور الأمسية فى بيت الشعر بالشارقة
قدم الشعراء خلال الأمسية قصائد محلقة في الحب والعتاب والحزن بإيقاعات متدفقة، ومشاهد متجسدة تلتقط بعفوية مشاعر الشجن والحنين والفقد، وفلسفة الحياة وتذكر الماضي وتكريس الحاضر بصور لافتة كنتاج طبيعي لمعاناة النفس، فالتحمت كلماتهم بذائقة الجمهور، فالشعراء استحضروا قدراتهم الجمالية في تغذية وجدان المتلقي بتنوع ثقافاتهم واتساع مستويات اللغة الحيوية لديهم.
افتتح الأمسية الشاعر يوسف الحمود الذي قرأ قصيدة “أوكسجين الشعر” التي تعبر عن معاناته في عالمه الشعري وهو يغترف من منبعه الصافي كلماته التي تنتزع من داخله شعوره الذي يرسمه على ورق القصيدة ببهاء:
أوكسجين الشعر حدس القلبِ ما
أنطق الشاعر إلا رعبُهُ
مترفُ اللحظةِ فقرٌ عمرُهُ
مخصب الصورة حقل جدبُهُ
أسجد الليل على جبهته
وارتمى نجماً فنجماً شعبُه
أيها الشعر ارتحل عن روحه
حسب هذا الروح نزفاً حسبُهُ
ثم ألقى نصاً آخر بعنوان “عن سفور القصيدة” التي يضفر فيها أحلامه بطريقة دلالية، فهو يحيك صورة فلسفية لما يتبدى في القلب من رؤى، وللأحلام التي تزهر معه في صباح الأمنيات:
أمسية بيت الشعر فى الشارقة
الحييّاتُ من بنات خيالي
الغنيّاتُ عن حُلىً ولآلي
الخفيّاتُ كالصلاةِ بكاءً
الأبيّاتُ ورطة الانتحالِ
هُنَّ أودعنني سكينة روحي
وبهنَّ استنار ليل ابتهالي
صديَ القلب والمشارب شتى
قال: لا تلتمس دوام الحال
حكمة العابر العبور ويكفي
عابراً علمه بجهل المآلِ
وافتتحت الشاعرة دانة أبو محمود قراءاتها بأبياتٍ تجلت فيها محبتها للوطن، ومناجاتها له بحرفٍ يقطر عطر شوق ووفاء، وبإلقاء جسّد هذا الحب، فقالت من قصيدة “سبح بذكر الشام:
سبّح بذكر الشام واستئناسها
باسم العطير السمح من أنفاسها
إني هنا والله يشهد أن لي
كأساً من النجوى تدقُّ بكاسها
فالشام ما جلست بذهن قصيدةٍ
إلا وكان الشوق من جلاسها
ثم قرأت قصيدة أخرى حملت عنوان “تقاسيم على كمنجةِ الفقدان” التي توظف فيها لغتها بطريقة دقيقية في وصف مشاعر الحزن بتلقائية، وتمثيل قوي لمعاناتها الذاتية وهي تكاشف النفس بالأسى والأسف، فتقول:
هل ينفعُ الوصفُ حُزناً ليس يتّصفُ ؟!
يا غصّةَ “الياءِ” خانتْ عهدَها ” الألفُ “
مالي وللحَرْفِ.. ما قوَّمْتُ منطقَهُ
إلّا تساءلَ سرّاً.. كيف ينحرفُ؟
صمتٌ تعوذُ به الآلامُ أجمعُها
من أن تُكاشِفَ بي ما ليس ينكشفُ
أنا التي يولدُ التّرحالُ من سَفَري
ويستَدينُ أساهُ من دمي الأسفُ ..!
اختتم الأمسية الشاعر سعيد المنصوري بقصيدة حملت عنوان” في مدح القائد” التي عطر بها أجواء المشهد الشعري، حيث ذكر فيها بعذوبة وجمال شمائل صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ووصفه بأسلوب بليغ تعبيراً عن المحبة لسموّه، الذي يدين بفضله الشعراء، ومما جاء فيها:
سلطان أنت الكوكب المتفردُ
ولأنت شمسٌ نورها يتوقّدُ
ألهمتنا نبض الحروف وكنت في
عطف الأبوّة قائداً يتودَّدُ
ونظلُّ حول جذوع نخلك رحّلاً
حتى تكللنا الظلال ونقعدُ
ونمر حول بيوت شعرك نسمةً
حملت زهور الحب لا تترددُ
وتقول للشعراء أنتم كنزنا
وربيع أوطان العروبة يشهدُ
ثم قرأ من قصيدة ” فَاتَ الأَوَان” التي تبرز تركيزه على كشف مساره المتغير وهو يخاطب أنثى بحقيقة مرة، تمثل له الواقع بكل اعترافاته الذاتية التي لا مواربة فيها :
فَاتَ الأَوَانُ فَلَوْ سَمَحْتِ تَقَبَّلِي
طَعْمَ الصَّرَاحَةِ مَرَّةً… فَاتَ الأَوَانْ
عَيْنَاكِ غَائِمَتَانِ يَهْطِلُ مِنْهُمَا
مَطَرٌ يُبَشِّرُ بِالسَّلامِ وَبِالأَمَانْ
إِنِّي سَأَخْتَصِرُ الِحوَارَ فَسَلِّمِي
لِلْأَمْرِ وَارْتَاحِي فَمَا قَدْ كَانَ كَانْ
مَرَّ القِطَارُ عَلَى المَحَطَّةِ مُسْرِعًا
لَمْ تَسْتَقِلِّيهِ….وَقَدْ صَهَلَ الحِصَانْ
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.