نونية ابن زيدون حالة ثقافية.. من ولادة بنت المستكفى إلى عمرو دياب
ثقافة أول اثنين:
خرج علينا منذ أيام الفنان عمرو دياب بأغنية جديدة بعنوان ” والله أبدا” غنى فيها بيتين شعر لابن زيدون يقولان:
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا منكم ..ولا انصرفت عنكم أمانينا
أَضحى التَنائى بَديلًا مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
هذه هى المرة الأولى التى يغنى فيها عمرو دياب شعرا فصيحا، كما أنه أحسن الاختيار إذ عاد إلى واحدة من عيون الشعر كما يقولون، فنونية ابن زيدون لها تاريخ من الثقافة يبدأ من قصتها، إذ ربطها الرواة والنقاد بالأميرة ولادة بنت المستكفي.
قصة حب ابن زيدون وولادة بنت المستكفي
ولد أحمد بن زيدون (1003- 1071م) فى قرطبة، وكان أبوه فقيها وله أصول قرشية، بينما كان جدّه لأمه وزيرًا.
لمع اسمه فى ميدان الشّعر، وفى أحد مجالس قرطبة التقى بـ ولادة بنت المستكفي، وقد كان والدها خليفة، وقد عنى والد ولادة بتعليمها وتثقيفها، فأصبحت تقول الشّعر وتجيد العزف على الآلات الموسيقيّة.
صارت ولادة تستقطب الشّعراء وأهل الفن إليها، وممّن جذبتهم ابن زيدون، فوقع فى حبّها وبادلتْه الحب.
لكن ظهور الوزير أبى عامر بن عبدوس أفسد كل شيء، فقد اهتمت به ولادة وتناست ابن زيدون الشاعر، الذى راح يهاجم الوزير فانتهى الأمر به فى السجن بعد اتّهامه بالاستيلاء على عقار لبعض مواليه بعد موته، لكنه هرب من السجن.
أَضحى التَنائى بَديلًا مِن تَدانينا
وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقودًا بِأَنفُسِنا
وَاِنبَتَّ ما كانَ مَوصولًا بِأَيدينا
وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا
فَاليَومَ نَحنُ وَما يُرجى تَلاقينا
ب نتُم وَبِنّا فَما اِبتَلّت جَوانِحُنا
شَوقًا إِلَيكُم وَلا جَفَّت مَآقينا
نَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا
يَقضى عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا
أحمد شوقي يعارض ابن زيدون
حققت القصيدة شهرة كبيرة وصارت رمزا على أدب الفراق، وقد عارضها الكثير من الشعراء، حتى أن الدكتور عدنان محمد غزال قدم نحو 52 قصيدة تعارض لعل أشهرها قصيدة أحمد شوقي:
وكان بين المعارضين حافظ إبراهيم ومصطفى صادق الرافعى وعلى الجارم ومصطفى وهبى التل ونقولا فياض.
جاءت أشهر معارضة من أمير الشعراء أحمد شوقى، والذى كتب قصيدة يا نائح الطّلح وهو في إسبانيا عام 1916م، واستلهم في قصيدته التاريخ العربي في الأندلس، وأورد بعضًا من مشاعر الحسرات والحزن والتوجُّع، فكانت القصيدة تُثير عاطفة الحزن والنّوح معًا:
حيث يقول:
يـا نـائِحَ الطَـلحِ أَشـبـاهٌ عَـواديـنـا
نَـشـجـى لِواديـكَ أَم نَـأسـى لِواديـنـا
مــاذا تَــقُــصُّ عَـلَيـنـا غَـيـرَ أَنَّ يَـداً قَــصَّتـ
جَـنـاحَـكَ جـالَت فـى حَـواشـيـنـا
رَمـى بِـنـا البَـينُ أَيكاً غَيرَ سامِرِنا
أَخــا الغَـريـبِ وَظِـلّاً غَـيـرَ نـاديـنـا