الجامع الأزهر هو أقدم جامعة متكاملة الأركان في العالم من حيث أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات والمذاهب الفقهية، وطلاب من شتى بقاع العالم، وكتب دراسية، ومكتبات عامة، ومسكن جامعي تتوفر به كافة سبل الإعاشة بالمجان، وهو رائد التقدم والازدهار، وعنوان قدرة الشعب المصري خاصة والشعوب العربية والإسلامية عامة على السبق الحضاري والإنجاز العلمي، فلم يكن عطاؤه على مدى القرون قاصرًا على علوم الشريعة واللغة، وإنما امتد سخاؤه لعلوم الدنيا التي تفيد الإنسانية جمعاء، وفى ذكرى افتتاح الجامع الأزهر الذى فى مثل هذا اليوم 21 يونيو 972م، نستعرض التاريخ التعليمى بالجامع.
منذ أن صار الجامع الأزهر جامعة علمية سارت الدراسة فيه سيرًا فطريًا سلسًا، دون تقنين أو تعقيد، فكان الطالب يفد إلى ساحته تحدوه الرغبة في طلب العلم، ولا تصده عن رغبته قيود السن، ولا يقف في وجهه عدد السنوات التى قضاها في الدرس، وإنما يتردد على من يشاء من الأساتذة، ينهل من فيض علمهم ما أراد من السنين، ففي بداية الأمر كانت الدراسة في الجامع الأزهر تقوم على تعليم العلوم الدينية والعربية، ولم تكن به امتحانات أو شهادات، وإنما كان الشيخ يخصَص له عمود بالجامع الأزهر، ويلقى عنده دروسه في وقت معين من كل يوم، ويستمع إليه من شاء من المجاورين أو غيرهم دون قيد، فيجلسون حوله في حلقات، يسمعون له ويكتبون ما يمليه، فإذا أنس أحد الطلبة من نفسه استيعابًا للدروس ذهب إلى الشيخ وأسمعه ما حفظه أو فهمه، ويناقشه الشيخ فيه, فإذا وُفِّق الطالب في المناقشة يجيزه الشيخ، وكان عماد الدراسة إذ ذاك النقاش والحوار بين الطلبة وأساتذتهم بما يثقف العقل وينمى ملكة الفهم، وظلوا على ذلك مدة طويلة إلى أن اقتضى الحال وضع قوانين خاصة للأزهر وطلبته وعلمائه وإدارته والدراسة فيه، حسب ما جاء بالموقع الرسمى لجامع الأزهر الشريف.
العلوم الدراسية
كانت العلوم التى تدرس في الجامع الأزهر تربوا على عشرين علمًا مثل: “الفقه، أصول الفقه، التفسير، الحديث رواية ودراية، مصطلح الحديث، التوحيد، الحكمة الفلسفية، التصوف، النحو، الصرف، المنطق، المعاني، البيان، البديع، الحساب، الجبر والمقابلة، الفلك، اللغة، الوضع، العروض، القوافي، الهيئة”.
مراحل التعليم
كان المتعارف عليه بين الطلبة والعلماء في ذلك الوقت أن الدراسة تنقسم إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى وتدرس فيها الكتب السهلة على طائفة من صغار الأساتذة، ومرحلة ثانية وتدرس فيها الكتب المتوسطة على أساتذة أكثر كفاءة من أساتذة المرحلة الأولى، ومرحلة ثالثة, وتدرس فيها أمهات الكتب وأصعبها على يد طائفة من جهابذة العلماء وكان الطالب إذا فرغ من دراسة الكتب الصغيرة وآنس من نفسه جواز الانتقال إلى ما هو أرقى منها انتقل من نفسه إلى حلقات المشايخ المدرسين للكتب الكبرى, وهكذا حتى يتم دراسته.