خليل الجيزاوى يكتب: اغتيال رواية الحرام للدكتور يوسف إدريس
ثقافة أول اثنين:
ولمّا كان الليل قد انتصف، قلت لنفسي أبحث عن نسخة إلكترونية على محرك البحث جوجل، وبالفعل بدأت رحلة البحث عن تحميل نسخة من رواية الحرام بي دي إف، وجدت أول اختيار على جوجل: مؤسسة هنداوي للنشر، وحمّلت النسخة، فإذا بي أكتشف أنها مكتوبة دفعة واحدة بدون فصول، ولمّا كنت قارئاً جيداً لكل روايات يوسف إدريس، أنكرت في نفسي أن يكتب يوسف إدريس رواية الحرام هكذا دفعة واحدة، فشكّكت في الأمر، وقلت لنفسي أذهب للاختيار الثاني وأقوم بتحميل نسخة إلكترونية أخرى، وبالفعل وجدت نسخة مُصوّرة من كتاب ورقي صادر عام 1959، عن سلسلة الكتاب الفضّي التي كان يصدرها نادي القصة بالقاهرة بالتعاون مع مؤسسة روز اليوسف، وبالفعل ووجدتها مُكونةً من 17 فصلا كتبها يوسف إدريس بالأرقام: 1 . 2 . 3 حتى رقم 17، ثم كتب الفصل الأخير بعنوان: خاتمة.
وعند مقارنتها بنسخة مؤسسة هنداوي للنشر التي صدرت عام 2018، وحملتها بنظام بي دي إف؛ لأكتشف جريمة ترتكب في حق الدكتور يوسف إدريس، وجريمة في حق الأدب العربي، وجريمة كبرى في الرواية العربية والتراث الإنساني، وأقل ما يمكن وصف هذه الجريمة أنها اغتيال للدكتور يوسف إدريس، فقد قامت مؤسسة هنداوي للنشر بحذف ترقيم الفصول العددي: 1، 2، 3، إلى 17، واكتفت بنشر الرواية على جزأين هكذا: الحرام، خاتمة.
ولمن لا يعرف مؤسسة هنداوي للنشر أنقل لكم هذه المعلومات من موقعها على شبكة الانترنت: مؤسسة هنداوي تأسست عام 2007، مؤسسة غير هادفة للربح، تهدف إلى نشر المعرفة والثقافة، وغرس حب القراءة بين المتحدثين باللغة العربية، وأنها تعاقدت مع معظم رموز جيل الأربعينيات والخمسينيات والستينيات لنشر كتبهم ورواياتهم، حتى وصل عدد الكتب المتاحة للنشر أكثر من ثلاثة آلاف كتاب، منهم: 332 رواية، شعر 108، مسرحيات 140، نقد أدبي 147، قصص أطفال 520، خيال علمي 84، تاريخ 411، جغرافيا 17، علم نفس 40، و….. القائمة طويلة.
وتشير مؤسسة هنداوي أنها تعاقدت مع أسرة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لنشر جميع أعماله، وأنها تعاقدت مع أسرة نجيب محفوظ لنشر جميع رواياته، وكذلك أعمال: أحمد شوقي، إبراهيم عبد القادر المازني، عباس محمود العقاد، محمد حسين هيكل، على الجارم، سلامة موسى، مصطفى لطفى المنفلوطي، أحمد زكي أبو شادي، صنع الله إبراهيم، محمد فريد أبو حديد، محمد سعيد العريان، نوال السعداوي، منشورة ومتاحة للقراءة وللتحميل مجاناً.
والسؤال مَنْ يضمن عبث هذه المؤسسة بتراث آباء الأدب العربي، مثلما عبثت بتراث الدكتور يوسف إدريس؟
والسؤال الثاني مَنْ يُحاسب مؤسسة هنداوي للنشر على هذه الجريمة التي ارتكبتها في حق دكتور يوسف إدريس؟! وترى لو كان دكتور يوسف إدريس لا يزال حيّاً، ويجلس على مكتبه بجريدة الأهرام.
هل كانت مؤسسة هنداوي للنشر تجرؤ على هذا العمل الإجرامي؟!
والسؤال الأهم: هل نصّ التعاقد على حق مراجعة الكتب المنشورة لأصحاب الحق؟ ومَنْ راجع رواية الحرام قبل نشرها؟
ولماذا لم تتم مراجعة رواية الحرام على النص الأصلي الذي نُشِرَ في حياة يوسف إدريس وَرَضِيَ عنه؟ وهل من الأهمية توجيه السؤال للدكتورة وزيرة الثقافة بصفتها؟ أم أتوجه بالسؤال للدكتور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة بصفته حارثاً أميناً على تراثنا الثقافي؟ أم أتوجه بالسؤال إلى الدكتور والفقيه القانوني رئيس لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة للتحقيق في جريمة العبث بتراث رمز من رموز الحركة الأدبية في مصر والأمة العربية ألا وهو الدكتور يوسف إدريس؟!