رولا عادل تكشف تفاصيل ملحمة سلمان رشدى الجديدة “مدينة النصر”
ثقافة أول اثنين:
وتوضح رولا عادل بأن إمبراطورية “فيجاياناجارا” التى طغت على معظم أنحاء جنوب الهند في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، من ناحية، كانت تربة خصبة لنمو وتطوّر العالم الحديث والعولمة، ذلك أنها صارت ملاذًا للفن والأفكار الجديدة وبيتًا اقتصاديًا للتجارة مع الصين والبندقية. ومن منظور آخر، كانت الامبراطورية أشبه بشبكة من المؤامرات، تهزها الفصائل المتنافسة والحروب الخارجية وانقلابات القصر. وهو ما يعني أنها كانت نموذجًا لكل شيء: النبيل والخسيس، التقدمي والرجعي، جنة سفارجا الهندوسية وتوأمها المتناقض، بلاد “كينجز لاندنج” أرض لعبة العروش الغادرة. لا يحلم إلا أكثر المتنورين ذكاءً أو تهورًا بمعالجة تاريخ تلك الامبراطورية في مجلد واحد.
سلمان رشدى
وفقًا للأحداث في “مدينة النصر”، حسبما ذكرت صحيفة الجارديان التى استندت إليها المترجمة رولا عادل، يتابع القارئ “بامبا كامبانا”، وهى نصف إلهة، والدة الإمبراطور، والقابلة المتبصرّة، والتي وثقت التاريخ المذكور في قصيدة سردية، أودعتها أحد الأوعية، ثم دفنته في الأرض.
وتقول رولا عادل: صرنا الآن نعلم بلا شكّ، أن “مدينة النصر” هي الترجمة المختصرة لملحمة “بامبا” الشعرية، “الجاياباراجيا” (كلمة مركبة تعني النصر والهزيمة)، وقد أعيد سردها “بلغة أبسط” وتم تجريدها من أصلها المودع في 24000 بيت. وإن كانت النتيجة النهائية لعملية الكتابة، وإن انطوت على بعض المتعة، نادرًا ما تزعج العوالم المقدسة، فهذا غالبا ما يحدث عندما يعيد الإنسان كتابة نثر الآلهة.
لم يسمّ الراوي المتواضع في الرواية أبدًا. وإنما تماهيًا مع السرد، وسماحًا لضوء النهار بأن يمسّ السحر ويكشفه – لنفترض أن الراوي هو سلمان رشدي نفسه، متنكرًا في زي الآلهة، يلعب دور الكاتب المختلق. مختفيًا كالدمية الأصغر في عروسة ماتريوشكا، أو كالراوي زئبقي الحركة في الحكايات ذات الصيغة الشعبية.
“أنا المؤلف المتواضع”، هكذا يخبرنا هذا المخادع القديم. “لا عالم ولا شاعر، بل مجرد غازل للخيوط”. متواضع أم لا، تبشّر رواية رشدي الخامسة عشر، تلك الرواية الفخمة والمرحة، بعودته بقوة إلى أرض الهند، راسمًا ماهابهاراتا بديلة وغازلًا أسطورة تأسيسية متقنة من عظام التاريخ.
وتوضح رولا عادل: أما بالنسبة إلى بامبا كامبانا، فهي وسيطة ومشاركة في الوقت نفسه، ناهيك عن كونها مباركة (تظن بنفسها اللعنة) بعمر ممتد يتوافق تقريبًا مع عمر الإمبراطورية نفسها (1336-1565). تنمو مدينة “بيسناغا” بيد “بامبا”، التي زرعت أساساها من حفنة من الفاصوليا وبذور البامية.
تبث الحياة في سكانها، وتختار راعيًا كملكها، وتاجر برتغالي كعاشقها. ولكن، كما تجري كل الأساطير، فسلطة نص الآلهة سلطة متقطعة. تصير “بامبا” قوية، ثم ضعيفة كما تتطلب القصة والأحوال، وغالبًا ما تخضع لسلطة الرجال الذين تضعهم على العرش. في بعض الأحيان تصبح معبودة، وفي أغلبها تصير مطارَدة. ولكنها حُرمت بحكم جنسها من فرصة أن تصبح ملكة. “الحكم”، كما تعترف، “أردته أكثر من أي شيء”.