اخبار وثقافة

الشاعر جمال فتحى: معظم شعراء العامية الجدد نسخ مكررة.. حوار

ثقافة أول اثنين:

معضم الجوائز تسفر عن “جرائم أدبية” لكنها تمر بالمحبة عادى

أخلصت للشعر كما لم أخلص لشىء.. وتجربتي تخصنى ولا تشبه سواى

كلما تقدم الشاعر على طريق الشعر ابتعد عن الثرثرة

معظم شعراء العامية الجدد نسخ مكررة

أقوم بواجبي فى “صفحة أدباء مصر” ولا أنتظر تقديرا من أحد

أحمد أمين قلّد شعراء العامية وجسد أزمتهم بشكل كوميدى  


 

يحفر الشاعر والكاتب الصحفى جمال فتحى طريقه منذ سنوات طويلة بدأب شديد ويسير بثقة لافتة فى مسارين متوازيين الأول هو مسار الشعر الذى بدأه مبكرا بإصدار ديوانه الأول “فى السنة أيام زيادة” عام 2001 عن سلسلة الكتاب الأول المجلس الأعلى للثقافة قبل أن تتوالى دواوينه، أما المسار الثانى فهو عمله الصحفى كمحرر ثقافى ورئيس القسم الثقافى بجريدة الجمهورية ومشرف على المحلق الأدبى الأسبوعى “أدباء مصر” ورغم أن الصحافة مهنة تبتلع جهد الكتاب والشعراء وتظلم إبداعهم كما أقر الكثير منهم، فإن فتحي لا يتفق مع هذا بل يرى أن الصحافة حافز دائم واشتعال متواصل لجذوة الكتابة الإبداعية بشرط تنظيم الجهد والوقت.


 


وقد استطاع فتحي أن يحفر لتجربته الشعرية مسارها الخاص وأن يظل واحدا من أصحاب الرؤي الشعرية التي يصعب أن تتشابه مع غيرها، فيما أصدر عددا من دواوين شعر العامية منها: “عنيا بتشوف كويس، جلد ميت، لابس مزيكا”، ويجهز الآن لإصدار أحدث أعماله حيث لم يستقر على عنوانه بعد.. بينما صدر له عدد من الأعمال الفصيحة المتنوعة منها ديوان “فور العثور على قدمي” و”كعب أخيل” مجموعة قصصية و”شفاء الموجوع فى أحوال دولة المخلوع” كتابة ساخرة.


 


جمال فتحى


 


ــ على طريقة الفلاش باك دعنا نبدأ الحديث من “الآخر” حيث أحدث إصداراتك وطبيعتها؟

أجهز الآن لطبع ديوان عامية جديد فيما لم أستقر بعد على عنوانه وهو الديوان الخامس في مشواري مع العامية المصرية بخلاف الأعمال الأخرى الفصيحة، وحاولت أن أخوض فيه مغامرة جديدة وأن أطأ بقدمي مساحة بكر في أرض الشعر الشاسعة ،وأتمنى أن أضيف من خلاله شيئا ما يذكر لفن الشعر عامة ولمشواري الممتد بشكل خاص. 




ــ هل تواصل ما بدأته في ديوانك الأخير “لابس مزيكا” من طرح التجربة في نفس ملحمي كقصيدة واحدة بعنوان واحد ؟


هذا حقيقي فالديوان الجديد هو نص واحد طويل وإن تنوعت موجاته وتعددت وجوهه وتراوحت إيقاعاته لكنه يحمل هاجسا شعريا واحدا، حيث أعبر جماليا بأشكال مختلفة عن رؤية واحدة ألح عليها وأعتقد أن الكاتب أو الشاعر كلما تقدم خطوة في طريقه وكلما أوغل في الحياة مال إلى التقطير على حساب ثرثرة الشباب وانفعالاته وإلى طرح الرؤى الكلية والتركيز على مشاهد بعينها تكون معادلا للوجود وحاملة لرسالته الشعرية.


ــ لماذا لم تكمل خطواتك في السرد بعد مجموعتك القصصية ” كعب أخيل” والتي صدرت منذ عامين عن هيئة الكتاب أم أنها كانت تجربة وانتهت؟


إطلاقا بالعكس فقد كانت أشبه بفاصل من الراحة والهدوء بعد رقصات شعرية متواصلة، وعن نفسي ورغم أنني لا أرى نفسي إلا شاعرا فقد استمتعت جدا بتجربتي السردية الأولى في “كعب أخيل”، وأرى أنها جاءت في وقتها تماما، ولم أغلق أمامها الباب بل أتحين الفرصة لأعود ساردا بعد أن اكتشفت أنني لدى ما أحكيه للعالم عن نفسي أو لنفسي عن العالم.


لابس مزيكا


ــ كيف ترى مشهد شعر العامية الآن بصراحة؟ 


هذا سؤال صعب في الحقيقة، لكن سأجيبك بمنتهى الشفافية، فالشعر لا يختلف حاله عن حال بقية الفنون، الظاهر للناس والموجود ليس الأفضل دائما رغم وجود أصوات شعرية مدهشة ولافتة فعلا لكن الغالب والمهيمن والحاضر في كل المشاهد هي الأصوات المكررة التي تتشابه كثيرا مع غيرها ولكن إجمالا شعر العامية هو أكثر من استفاد من ثورة يناير التي ضخت دماء جديدة في عروقه وأعادته إلى أحضان الجماهير.


ــ أين ترى موقعك في خريطة شعر العامية المصري الآن وبعد أكثر من عشرين عاما من العطاء؟


أنا شاعر حقيقي – هكذا أرى نفسي – أخلصت للشعر كما لم أخلص لشيء حتى في أشد لحظات انكساري لم أفلته من يدي أبدا، وقد أكدت على هويتي الشعرية وبصمتي الخاصة منذ ديواني الأول في السنة أيام زيادة عام 2001 الذي لفت الانتباه بقوة وسمح لى بتجربة أولى أن أدخل من الباب الواسع وفي كل عمل أضيف شيئا ما لنفسي ولتجربتي وما أثق فيه أن كتاباتي صالحة للقراءة دائما وستعطيك في كل مرة شيئا مختلفا، وتلك سمة الأصالة، وبالمناسبة هذا رأي الكثير ممن أثق فيهم من الشعراء والنقاد الكبار.. أما موقعي فسيحدده الزمن.

جمال فتحي
 


ــ كيف ترى تطور الشعر المصري بشكل عام  في السنوات الأخيرة؟

هناك فرق جوهري بين طبيعة وميراث قصيدة الفصحى وتاريخها ورموزها وبين الشعر الشعبي أو شعر العامية  فإذا جازت المقارنة فإن شعر العامية أكثر تحررا وجرأة وديناميكية في العقدين الأخيرين والنظرة العامة على المشهد كليا ستؤكد ذلك.




ــ ما الفرق في نظرك بين شعراء اليوم وشعراء الأجيال السابقة؟


لعل أبرز الفروق هو ندرة الشاعر المشروع من أمثال حداد وجاهين والأبنودي وحجاب فكل منهم غابة متشابكة الأغصان أحراشها كثيفة وكهوفها عميقة فتجد مثلا أحدهم يكتب أروع القصائد وأجمل الأعمال الغنائية وسيناريوهات الأفلام فضلا عن الفوازير والأعمال المسرحية أو السيرة كما فعل الأبنودي والمسحراتي لحداد وغيرها من الوجوه المختلفة التي تظهر مساحة موهبته وحجم ثقافته، أما اليوم فالشاعر يكتب قصيدة جميلة ثم يعيد إنتاجها عشرات المرات بأشكال مختلفة دون أن يضيف لها قيمة جمالية جديدة وبعضهم والكثير منهم يكتب “بالشبه” أى يجيد التقليد وأدعوك أن تشاهد  الفنان المبدع ” أحمد أمين” في حلقته الشهيرة ” إزاى تكتب شعر عامية في 30 ثانية” فكم كان صادقا! و جسد بشكل ساخر وحقيقي أزمة شعراء العامية الذين لا يعرف  أغلبهم شيئا عن آباء قصيدة العامية ومنجزهم ولا يعرفون ما الذي يجب عليه أن يضيفوه إلى تاريخ الشعر بإنتاجهم.




ــ  كيف ترى تأثير جوائز الشعر وعلى سبيل المثال جائزة نجم في دفع القصيدة العامية للإمام؟


لا شك أن الجائزة – أى جائزة – لابد أنها تدفع المبدع إلى المزيد من التوهج وتسهم في الارتقاء بالفن الذي تمنح فيه بشرط أن يتخلى منظموها ومحكموها عما يمكن أن نسميه” الخيانة الأدبية” فعضو لجنة التحكيم في أى جائزة هو ” قاضي أدبي” لا يختلف حكمه عن حكم قاضي المحكمة – إن جاز التشبيه –  لكن ملخص الواقع هو “قل لى من المحكم أقل لك من الفائز”! وبعض الجوائز تسفر عن “جرائم أدبية” لكنها تمر بالمحبة عادي.

شفاء
 


ــ  تعددت تجاربك في النشر بين النشر الحكومي والنشر الخاص فأيهما تفضل؟ 

لقد ذهبت بنا أسعار الورق والطباعة في اتجاه صعب وتحولت فرصة النشر الخاص إلى ما يشبه الانتحار ويظل النشر العام الطريق الآمن لكنه أيضا الطريق الممل والذي يساوي بين ” أبو قرش وأبو قرشين” وللأسف لدى أكثر من تجربة سيئة في النشر العام وأرجو ألا تتكرر.




ــ ما هي ملاحظاتك على النشر العام؟ 


مبدئيا النشر العام قدم الكثير لكتاب مصر من مختلف الأجيال ولا ننكر أهميته ودور المؤسسات في الدفع بالإنتاج الأدبي للمبدعين من كل مكان في مصر لكن أسوأ ما يمكن الإشارة إليه  بعد الانتظار الطويل هو عملية ” الفحص” وفيها يحدث أن يشرف كاتب أو شاعر متواضع أو يكلف بكتابة تقرير عن عمل كاتب أو شاعر آخر أهم منه حرفيا فيجيز كتابه أو يوصي برفضه حيث تحول الأمر إلى عمل وظيفي بحت.




ــ أخيرا لا ينكر أحد جهدك في اكتشاف مواهب مصر الأدبية عبر صفحتك التي تشرف عليها في الجمهورية فهل أثرت على إبداعك ؟


بالعكس أراها تزيد قدرتي وتشحن طاقتي على الكتابة بقدر ما استطيع أن أضيف عملا إيجابيا للمشهد وأن أدعم موهبة ما بقدر ما أشعر بالراحة والصفاء الذهني وبالقدرة على الإنتاج الإبداعي الموازي، أفعل هذا بحب ولا أنتظر تقديرا من أحد ولهذه الصفحة تاريخ عريق وأتمنى أن يكون مستقبلها أجمل.


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى