فاطمة عبد الحميد تكشف سر اختيارها لـ ملاك الموت بطلاً لرواية “الأفق الأعلى”
ثقافة أول اثنين:
قالت الكاتبة السعودية فاطمة عبد الحميد، التى وصلت روايتها “الأفق الأعلى” إلى القائمة القصيرة، فى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، فى دورتها لعام 2023، إن سر اختيار ملاك الموت روايتها، أننا دائمًا ما نلقى باللوم عليه مع كل روح نفقدها.
وقالت السعودية فاطمة عبد الحميد، خلال حوار أجرته معها جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، إن ملاك الموت هو الملام على كل روح نفقدها، حتى وإن يئسنا من اللوم، وتحلينا بالصبر الذي لا نملك سواه، لكن بدلا من أن ألقي باللوم عليه.
وأضافت فاطمة عبد الحميد: حاولت أن أدعي فهمه، تخيلته يقف وحيدا في محاكمة بشرية مشحونة بالغضب، يطالب البشر فيها بالقطيعة مع كل الإرث الذي يخصه، حتى وإن كان عليه في كل عائلة ثأر أو أكثر، تخيلته يغار منا، ولهذا أعتقد أن ما دفعني إلى الكتابة عنه هو أننى أتعاطف معه.
وحول الجمع بين العمق والطرافة، السخرية والجد، الحزن والمرح، قالت فاطمة عبد الحميد: إنّها طريقتي للتعبير، لأنني غير قادرة على أن أفعل شيئا سواها، لم أجتهد في ذلك، لأن حس السخرية جزء من طبيعتي الشخصية، حتى لو رأيت العالم يمضي إلى كارثة. لا أحب التشاؤم، وأعمالي السابقة تقول هذا عني أيضا، ولن أبالغ في القول إن المرح جزء مني، فلست طيبة المعشر، ولا لطيفة إلى هذا الحد، لكنني مرحة حين تضيق بي السبل، وهو مخرج طوارئ أعتمده في حياتي بانتظام، وغالبا ما ينجح، لذلك أنصح الجميع به!
وحول تناول الرواية لموضوع الزواج من منظور مختلف، ومن وجهة نظر ذكر قاصر، قالت فاطمة عبد الحميد: نظرت لزوجين قصيرين وقاصرين في صورة على جهاز الكمبيوتر، يحيطهما عمالقة يشوهون سماء الطفلين برؤوسهم. وحدهم الأهل هم السعداء في تلك الصورة، أما الصغيران فكلاهما كان ينطفئ وهو غارق في زينة ثقيلة، وكلاهما خائف. الحناء الذي زين كف العروس متشعب ومتباعد، حتى أن تلك الرسمة القبيحة تسللت من تحت قيود الذهب، ومن بين الأصابع المكرهة على التشابك، عابرة باتجاه كف العريس، التي تشنجت هي الأخرى، حتى بدت أصابعه كأغصان رفيعة وهاربة. كان معلقا أيضا على خصره النحيل خنجر مرصع بالأحجار الثمينة، بينما على مكتبي صورة لولدي وهو في مثل عمر العريس، يضم على خصره كرة، وخلفه نجيل أخضر لا حدود للعب فيه. كانت تلك هي الشرارة الأولى.
وتابعت فاطمة عبد الحميد: راقبت أزواجا كثر، وأؤكد لك بأنه لا أحد محترف بالزواج، الزواج أرضية واقعية جدا لنص قديم، ولكنه مرتجل إلى حد بعيد، يُصعّدك الأهل على خشبة ذلك المسرح، يراقبون حياتك التي تصبح علنيّة أمام الجمهور، ويتدخلون فيها متى رأوك تترنح، ليعيدوك إليها إذا اقتضى الأمر، عندها يختلط عليك المشهد، بين صورة الواقع في البيت، وصورة الممثل على الخشبة. تقابل دوما بين شخصك الواقعي والشخص الذي يريدونك أن تكونه، وتظل في حيرة دائمة… ربما لهذا هو مؤسسة عسيرة الفهم على البعض. قد ينهار أحد الزوجين من الداخل ولكنه يظل صامدا، ثم تظن أنك أتيت بالحل، فتصنع له مخرجا آمنا من زواجه، لتقوم في أعماقه نصف ثورة تدافع عن نعمة هذا الزواج، ويمر أمام عينيه شريط مصوّر لأجمل اللحظات مع ذلك الشريك وتبدو كثيرة بالفعل! في الحقيقة، لم أكتب عن زيجات فاشلة في الأفق الأعلى، أنا كتبت عن زيجات واقعية ببساطة!