حكايات مضحكة فى حياة نجيب الريحاني.. يكتبها استيفان روستى فى الكواكب
ثقافة أول اثنين:
توفى الفنان الكبير نجيب الريحانى فى يونيو من سنة 1849، ووقد رثاه عدد كبير من الفنانين كل منهم بطريقته، ومن ذلك أن كتب الفنان الكبير استيفان روستى مقالة فى مجلة الكواكب بعنوان “صور خاطفة من حياة الريحانى.. فسفور وفيتامين بقرش” والمعروف أن استيفان روستى كان من أصدقاء الريحانى وأنهما تزاملا فى عالم الفن قرابة الـ 35 عاما.
تقول المقالة:
حدث فى أيام فاقتنا وبوهيميتنا أن كنا نشتغل فى مسرح الشانزليزيه بالفجالة كممثلين، وكانت الحاجة تحكم علينا ألا تقتصر مهنتنا على التمثيل وحده بل كان علينا كذلك ان نعد المناظر بأنفسنا فنحمل على أكتافنا الأخشاب والديكورات ونقوم بعملية الميكانيست وخدم المسرح، فإذا ما انتهى التمثيل اجتمعنا بصاحب المسرح لنتحاسب على إيراد الليلة، فيخصم أجره المسرح وإيجار الأثاث، وما تبقى من ذلك يوزعه علينا وعلى عزيز عيد وأمين صدقى والسيدة روزا اليوسف فباقى الممثلين والكومبارس.
واتفق ذات ليلة بعد فراغنا من تمثيل رواية “يا ستى ما تمشيش كده عريانة” أن خصنى أنا ونجيب من الإيراد مبلغ ثلاثة قروش، فخرجنا نطوف الشوارع ونتشاور فيما يجب أن نملأ به بطوننا الجائعة بهذا المبلغ، وأخيرا استقر رأينا على أن نتناول أكلة (فول مدمس) جامدة تعاوننا على النوم، وذهبنا الى مطعم الفول المنشود.
وبينما كنا نهم بدخوله استقبلتنا متسولة عجوز تجر بيدها طفلا وتحمل على كتفها طفلا آخر، والكل يبكون ويطلبون الإحسان والعشاء فما إن رآهم الريحانى حتى قطب وجهه وأخرج من جيبه قرشين واعطاهما للمرأة ثم أخذنى من ذراعى وسار بى فى الطريق وهو يقول “الغلابة دول احق منا بالأكل” تعالى نتعشى جوافة بقرش صاغ وتأكد أنها أقوى من الفول ألف مرة دى كلها فيتامين وفسفور.
عقد شفوى
وجئنا يوما إلى أحد أصحاب المسارح واتفقنا على العمل معه فرحب بنا الرجل وقال “عال قوى.. اتفقنا خلاص.. اتفضلوا تعالوا من بكرة اشتغلوا”.. فنظر إليه نجيب الريحانى نظره شك وريبة وقال “ازاى هنشتغل من غير عقد” فقال الرجل “ما تخافوش احنا متفقين بعقد شفوى” فقال نجيب “يفتح الله يا أخينا دى آخر مره اشتغلنا بعقد شفوى.. قبضنا اجرتنا شفوى.. وكانت الأجرة يعلم بها الله”
طعام حقيقى
ولما فتح الله على نجيب فى جهاده الأول وكون لنفسه فرقة خاصة، حضر اليه ذات ليلة بعض الممثلين الكومبارس، وقالوا له يصح يا أستاذ أنك تجيب لنا أكل حقيقى فى منظر المطعم علشان ناكله مضبوط أمام المتفرجين” فقال لهم نجيب وكانت حالته المالية لا تسمح باستحضار طعام حقيقى “حاضر من عينى دى وعينى دى هقدم لكم أكل حقيقى فى منظر المطعم ولكن هقدم لكم سم حقيقى فى منظر الانتحار”
تيجى تصيده
وكان معنا فى يوم من الأيام خمسة جنيهات فقال نجيب أنا عايز أعمل الخمسة دول عشرة فى البلياردو فقلت بلاش جنون هتضيع الفلوس.
فأجاب “ما لكش دعوه .. أهو فريستنا جاى” وأشار إلى الأستاذ يوسف وهبى بك وأردف “ده ما بيعرفش يلعب زينا خلاص اطمن” وعلى الأثر نظمت المباراة وحمى وطيس اللعب الذى انتهى بتشطيب الأستاذ يوسف على كل ما فى جيوبنا ولما كنا فى الهزيع الأخير من الليل وبيوتنا بعيده فقد اضطررنا إلى أن نقترض من يوسف بك أجرة العربة”.