معارك نزار قبانى.. بدأت مع على الطنطاوى وسجال شهير جمعه بنجيب محفوظ
ثقافة أول اثنين:
ففى مجلة “الرسالة”، وفى عدد 661، الصادر فى 4 مارس 1946، كتب على الطنطاوى مقالا ينتقد ما سماه أدب الشهوة قائلا، “طبع فى دمشق منذ سنة كتاب صغير، زاهى الغلاف ناعمه ملفوف بالورق الشفاف الذى تلف به علب الشيكولاته فى الأعراس، معقود عليه شريط أحمر كالذى أوجب الفرنسيون أول العهد باحتلالهم الشام وضعه فى خصور بعضهن ليمرقن به، فى كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد، إذا قستها بالسنتمترات، يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق القارح، والبغى المتمرسة المتوقحة وصفا واقعيا، لا خيال فيه، لأنّ صاحبه ليس بالأديب الواسع الخيال، بل هو مدلل، غنى، عزيز على أبويه، وهو طالب فى مدرسة… وقد قرأ كتابه الطلاب فى مدارسهم، والطالبات”.
وزاد ذلك المقال للداعية الإسلامية الخناق على نزار، وكانت بداية لسلسلة من المعارك والمحاكمات خاضها الشاعر الكبير بكل قوة، وبحسب الكاتب “ربيع بن المدنى السملالى” بمقال بعنوان “بين الشيخ على الطنطاوي.. ونزار قباني”، فإن شاعر المرأة رد على الهجوم السابق بإعداده فصلًا هجوميا على الشيخ على الطنطاوى فى سيرته الذاتية “قصتى مع الشعر”، عنون له بــ “قالت لى السمراء” ص 87، قائلا “وبلحظة تحرك التاريخ ضدى، وتحرك التاريخيون، رفضوا الكتاب جملة وتفصيلا، رفضوا عنوانه، ورفضوا مضمونه، ورفضوا حتى لون ورقه، وصورة غلافه، هاجمونى بشراسة وحشٍ مطعون، كان لحمى يومئذ طريا، وسكاكينهم حادة، وابتدأت حفلة الرجم، ففى عدد شهر مارس 1946 من مجلة “الرسالة” المصرية كتب الشيخ على الطنطاوى”، وتابع: “هذا نموذج مصغر لواحد من الخناجر التى استعملت لقتلى، وصوت واحد من أصوات القبيلة التى تحلقت حولى، ترقص رقصةَ الموت، وتقرع الطبول، وتتلذذ بأكل لحمى نيئا”.
هناك معركة أخرى خاضها الشاعر مع أديب نوبل نجيب محفوظ، فقد علق صاحب الثلاثية على قصيدة نشرها نزار قبانى بعنوان “المهرولون”، وتتناول اتفاقية أوسلو للسلام منتقدا القصيدة التى تحمل فى طياتها هجوما على الاتفاقية، وأعدت مجلة روزاليوسف فى عددها الصادر فى 16 أكتوبر من عام 1995 ملفا احتوى على القصيدة ووصف نجيب محفوظ لها: “بأنها قصيدة قوية جداً، وقنابل تفرقع فى عملية السلام، من دون أن تقدم بديلا عنها”.
وجاء رد نزار قبانى مطولا نذكر منه، “شكرا لأستاذنا الروائى الكبير نجيب محفوظ الذى قرأ قصيدتى المهرولون فأعجبته شعريا ولم تعجبه أيديولوجيا وموقفا، وإذا كان الخطاب الشعرى قد هز أعماقه، فهذا دليل على أن حساسيته الشعرية لا تزال بخير.. وقلبه الكبير لا يزال يفرح بالتماع البروق، وسقوط الأمطار أما مواقفنا الأيديولوجية المتصادمة فى قضية السلام، فهى بسيطة وهامشية، ولا تفسد للود قضية”.