كيف كانت حياة محمد رسول الله وهو طفل؟
ثقافة أول اثنين:
وقد نشأ النبى محمد يتيماً، إذ توفي والده عبد الله بن عبد المطلب، عند أخواله في المدينة قبل مولده، فتولى أمره جده عبد المطلب، الذي اعتنى به وشمله بعطفه واهتمامه، واختار له أكفأ المرضعات، فبعد أن أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب، دفع به إلى حليمة السعدية، سنواته الأولى في صحراء بني سعد، فنشأ قوي البنية، سليم الجسم، فصيح اللسان، معتمداً على نفسه، حتى كانت السنة الرابعة من مولده، حدثت حادثة شق الصدر، فبحسب ما أخرجه مسلم وغيره ولفظ مسلم (عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه – يعني ظئيره- فقالوا إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: أرى أثر المخيط في صدره”، والظئير المرضعة وهي هنا حليمة كما هو معلوم.
عاد النبي محمد إلى مكة ليتربي في أحضان أمه وجده الذى أراد أن يعوضه عن غياب أبوه، لكن يُتم النبي مرة أخرى حين بلغ السادسة من عمره، حيث توفيت أمه في قرية يقال لها “الأبواء” بين مكّة والمدينة، فعوّضه جدّه عبدالمطلب حنان والديه، وقربه إليه وقدمه على سائر أبنائه، حتى يقال إنه في يومٍ من الأيام أرسل عبدالمطلب النبي – صلى الله عليه وسلم – للبحث عن ناقة ضائعة، فتأخّر في العودة حتى حزن عليه جدّه حزناً شديداً، فجعل يطوف بالبيت وهو يقول :”رب رد إلي راكبي محمدا…. رده رب إلي واصطنع عندي يدا”.
ويبدو أن الأحزان كانت تتوالى على النبي في طفولته، فلم يكاد يمر عامين على وفاة أمه عظم الله أجرها السيدة آمنة بنت وهب، حتى رحل جده عبد المطلب هو الأخر وهو ابن الثمان سنوات، واستمرّت هذه الرعاية طيلة سنتين حتى توفّي عبد المطلب وللنبي – صلى الله عليه وسلم – ثمان سنين، فكفله عمّه أبو طالب وقام بحقه خير قيام، وقدمه على أولاده، واختصّه بمزيد احترام وتقدير، ولم يزل ينصره ويبسط عليه حمايته، ويُصادق ويُخاصم من أجله طوال أربعين سنة، حتى توفّي قبيل الهجرة بثلاث سنين.