سره الباتع.. هل شعر جنود الحملة الفرنسية بالملل والخوف أثناء تواجدهم فى مصر؟
ثقافة أول اثنين:
يلعب النجم الكبير حسين فهمي دور العالم الفرنسي كلينمان خلال أحداث مسلسل “سره الباتع” للمخرج خالد يوسف، والذي يعرض ضمن موسم مسلسلات رمضان 2023، حيث يظهر منتقدا لأداء الجنرال الفرنسي وباقي كبار الجيش الفرنسي، والذي حذره من إعدام الفلاحين، الشيخ سليم دون أن يسمع له، مشيرا إلى أن الجنود أصيبوا بالملل وأصبحوا يشعرون بالخوف.
الحديث عن شعور جنود بالخوف والملل، ذكر في العديد من المراجع التاريخية، حيث يذكر كتاب “تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قُبيل الوقت الحاضر” تأليف عمر الإسكندري وسليم حسن، أنه لم تكد الجنود الفرنسية تنزل إلى مدينة الإسكندرية وتتجوَّل في أنحائها، حتى لحقهم الملل واستولت عليهم الكآبة؛ فإنهم — فضلًا عن تألُّمهم من الحرِّ الشديد الذي لم يعتادوه في بلادهم، والذي كان بالطبع على أقصى درجاته في هذا الفصل من السنة — لم تَرُقْ المدينة في أعينهم، ولم يجدوا فيها شيئًا من العظمة والبهاء مما سمعوا به قبل مجيئهم، وكان من مميزات الإسكندرية في القرون الأولى، ثم ذهب باضمحلال شأن المدينة على مدى الأيام. وكل ما وقع عليه نظرهم من شوارع ملتوية، وأزقَّة ضيقة قذرة، وآثار مهملة، وملابس وأزياء لا تنطبق على ذوقهم الفرنسي؛ لم يزدهم إلا قنوطًا واعتقادًا بأنهم مسخَّرون في غزوة لا فائدة فيها.
وأشار الكتاب أنه بعد غزو مدينة رشيد، سار الأسطول في النيل وبجانبه الجيش لينضما إلى جيش نابليون عند «الرحمانية». وجدَّ «نابليون» في البر حتى وصل إلى دمنهور بعد أن لاقت جيوشه من التعب والحر والظمأ ما ذهب بقواهم٤ وزاد من سخطهم، فاستراحوا بها يومًا، ثم واصلوا المسير نحو الرحمانية فجر يوم 26 المحرم، وقبل وصولها التقوا بشرذمة من المماليك لم تكد تشتبك معهم حتى فرَّت أمام نيرانهم الحامية.
وفى القاهرة، كان نابليون قد أخذ يحصن القاهرة؛ فهدم لذلك كثيرًا من الآثار والمساجد، فزاد استياء الأهلين، ولمَّا جمع العلماء وكلفهم تعليق شارات الحكومة الفرنسية ذات الألوان الثلاثة، ونهرهم عندما رفضوا ذلك، أمسكوا عن مساعدته في تحسين العلائق بينه وبين العامة، وأخذ سخطهم في الاستفحال.
وعندما خرج نابليون من مصر وترك الجيش الفرنسي تهدده الأخطار من كل جانب؛ إذ كان عدده قد نقص كثيرًا في معارك الشام وغيرها، ودبَّ السخط في نفوس الجند وقلَّت أموال الخزينة، وأصبح الجيش في حاجة إلى الذخيرة والملابس، وأرسلت الدولة العثمانية جيشًا آخر إلى العريش يقوده الصدر الأعظم، وأسطولًا إلى دمياط؛ تريد إعادة الكَرَّة على مصر، هذا إلى أن المماليك عادوا إلى مكافحة الفرنسيس. نعم، إنهم في جمادى سنة ١٢١٤ﻫ هادنوا المماليك الذين كانوا قد تغلبوا على معظم الصعيد بزعامة رئيسهم مراد بك، بأن ولَّوْا مرادًا حكم بلاد الصعيد، بشرط أن يكون خاضعًا لسلطتهم مستعدًّا لمعونتهم، ولكنه كان متربصًا بهم النوازل حتى يستبد في قومه بملك مصر.