سوق الكانتو.. الحماية فى القنصليات الأجنبية.. فتوات ومجرمين
ثقافة أول اثنين:
يدور مسلسل سوق الكانتو بطولة أمير كرارة وفتحي عبد الوهاب ومي عز الدين فى مصر زمن الاحتلال الإنجليزي، وكان بعض المجرمين يحتمون فى القنصليات الأجنبية مثلما فعل “جابر” فى المسلسل، كذلك كان بعض الفتوات يحتمون فى القنصليات الأجنبية ومنهم محمود الحكيم.
ولد محمود الحكيم فى حى الكحكيين، بالدرب الأحمر، وكان قوى البنية، وأعلن نفسه فتوة الحى وحامى حماه، وقام بعدة معارك انتصرفيها، فاعترف أهل الحى ببطولته، وتبعه جماعة من عشاق القوة، وجعلوه زعيما عليهم، فكانوا يأتمرون بأمره ويخضعون لقانونه وينفذون إرادته ضد خصومه والعابثين برغائبه، ولما تم له ذلك كله، طمع فى أن ينتزع ألقاب البطولة من جيرانه فتوات الأحياء، فأدى ذلك إلى معارك عنيفة أزهقت الأرواح وأسالت الدماء.
كان محمود الحكيم يسير فى صباح يوم عيد إلى جهة تحت الربع، فرأى المعلم عبد الغنى فتوة سوق السلاح.
وكان بين الاثنين ضغائن، فسار “محمود” وراء المعلم “عبد الغنى” إلى باب الوزير ودخلا قهوة هناك، ولما شعر “عبد الغنى” بأن “محمود الحكيم” يتبعه، أخذ يشتمه، وتناول مقعدا ضربه به على رأسه، فوثب عليه “محمود الحكيم” وضربه ضربة أطارت بها رشده، فسقط على الأرض لا حراك به، فترك وانصرف هانئا بفوزه.
وجاء رجال البوليس فنقلوا “عبد الغنى” إلى القسم حيث توفى، وقدمت والدته بلاغا للنيابة اتهمت فيه “محمود الحكيم”بقتل ولدها، فاستصدرت النيابة ترخيصا من قنصلية “فرنسا” بالقبض عليه لأنه كان يتمتع بحمايتها.
ومكث فى التحقيق 15 يوما، اتهم خلالها مأمور القسم بأنه هو الذى أمر عساكره بضرب المجنى عليه ضربا أفضى إلى موته.
وتدخل قنصل “فرنسا” فى المسألة، فأمرت النيابة باستخراج جثة القتيل من قبره، وكلفت الطبيب الشرعى بفحصها، ففحصها وقدم تقريره القائل “أن الوفاة ناشئة من تناول كمية كبيرة من الخمر” فأخلى سبيل “محمود الحكيم” وانتهت المسألة على هذه الصورة.
وحدث أن بلغ “حسين أفندى كامل” مأمور قسم “الدرب الأحمر” أن محمود الحكيم يدير محلا لبيع الحشيش فى منزله فى الكحكيين فأراد ضبطه فاستصدرإذنا من قنصلية “فرنسا” فانتدبت وكيلها للذهاب معه وكبس الغرزة.
وفى الساعة التاسعة مساء، ذهب المأمور ووكيل القنصل ومعهما خمسة عشر جنديا وضابطا.. فهاجموا “الغرزة” فقابلهم “محمود الحكيم” وشقيقه “عبده” ودارت بين الفريقين معركة حامية سال فيها دم وكيل القنصل، وأصيب المأمور ومن معه من الجنود بجراح ثخينة.
وأخيرا.. قبض عليه وحاكمته القنصلية، وقضت بنفيه إلى الخارج، فاختار “بيروت”.
وبعد سنة تمكن من الرجوع إلى “القطرالمصرى” فوشى به بعضهم لحكمدار مصر.. وهذا أبلغ القنصلية فقبضت عليه.
وبعد تسعة عشر يوما توسطت له، فسمح له بالبقاء فى مصر، وأخذت عليه التعهد اللازم باحترام القانون.
لكن بعد معركة حامية مع مجموعة من الصعايدة وقعت فى سنة 1922، تم نفيه مرة أخرى إلى “بيروت” هو وشقيقه “عبده” وتمكنا من العودة متنكرين فى زى أعرابيين، لكن الحكومة علمت، وقررت القنصلية نفيهما هذه المرة إلى “فاس” فى المغرب وقد حاولا أن يتنازلا عن الحماية الفرنسية، لكن القنصلية رفضت، وبعد تسعة أشهر فى فاس مات “محمود الحكيم” بسبب اشتداد المرض عليه.