ومضات تاريخية.. الملك أحمس صانع المجد العسكرى فى مصر وطارد الهكسوس
ثقافة أول اثنين:
وخلال حكم الملك أحمس وقع حادث جلل، هو متابعة الحروب العظيمة التي نشبت بين المصريين والهكسوس، وهي المعروفة بحروب الاستقلال التي كانت أمجد صحيفة في التاريخ المصري، وقد فصَّلنا القول في هذه الحروب الطاحنة في موضعه، ولم تمضِ أربع أو خمس سنوات على بداية هذا النضال العنيف حتى أفلح “أحمس” في طرد الهكسوس من البلاد جملةً، بل سار بجيشه حتى بلاد “زاهي” (فينقيا)، حسب ما جاء بموسوعة مصر القديمة للدكتور سليم حسن، وبعد أن تم له الفوز في هذه الأصقاع الآسيوية عاد ثانيةً موليًا وجهه نحو الحدود الجنوبية، حيث كان السود قد اقتنصوا فرصةَ اشتغاله بالحروب في آسيا، وزحفوا شمالًا نحو البلاد المصرية، فلحق بهم وأعمل السيف فيهم في مذبحةٍ عظيمةٍ، كما دون ذلك على جدران قلعة “سمنة» الملك “تحتمس” الثاني.
على أنه لما قفل راجعًا وجد أن بعض الثورات قد اندلع لهيبها في داخل البلاد، ولا يبعد أن الذين قاموا بتدبيرها أفرادٌ من الذين تخلفوا في البلاد من الهكسوس بعد طردهم، وهذا ليس بالحادث المستغرب، لأن طرد قوم بأكملهم استوطنوا البلاد مدة طويلة دفعة واحدة يعد من الأمور الصعبة التحقيق، ولا نزاع في أن الثورتين اللتين قام بهما “آتا” ثم “تتاعان”، وكان يجري في عروقهما الدم الهكسوسي، قد هزم كل منهما في ثورته هزيمة منكرة، ومن ثم لم نسمع بقيام ثورات داخلية بعد ذلك.
والظاهر أنه بعد هذه الحروب لم تصادفنا حوادث خطيرة في حكم هذا الفرعون، بل تدل الأحول على أنه أخذ في تنظيم حكومة البلاد وإصلاح ما تخرب فيها خلال حرب الاستقلال، مما استنفد الجزءَ الأكبر من مدة حكمه.