جمال القرآن.. “حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة” بلاغة تصوير تحذير الله للغافين
ثقافة أول اثنين:
وواحدة من آيات القرآن الكريم، التي تحمل صورًا بلاغية رائعة، ونجد فيها تصويرًا فنيًا بديعًا: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ والحمد للَّهِ رَبِّ العالمين) (الأنعام 44).
وتفسير الآية الكريمة سالفة الذكر عن هؤلاء الذين تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها، فيفتح عليهم أبواب كل شيء من الرزق ويبدلهم بالبأساء رخاءً في العيش، وبالضراء صحة في الأجسام؛ استدراجًا منه لهم، حتى إذا بطروا، وأعجبوا بما أعطاهم من الخير والنعمة أخذنهم بالعذاب فجأة، فإذا هم آيسون منقطعون من كل خير.
وبحسب المعجم الوسيط: المعنى: فلما أعرضوا عن النذر والعظات التي وجهها إليهم الرسل، فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق وأسباب القوة والجاه. حتى إذا اغتروا وبطروا بما أوتوا من ذلك أخذناهم بغتة فإذا هم متحسرون يائسون من النجاة. والفاء في قوله- تعالى- فَلَمَّا نَسُوا لتفصيل ما كان منهم. وبيان ما ترتب على كفرهم من عواقب قريبة وأخرى بعيدة.
والمراد بالنسيان هنا: الإعراض والترك. أى: تركوا الاهتداء بما جاء به الرسل حتى نسوه أو جعلوه كالمنسي في عدم الاعتبار والاتعاظ به لإصرارهم على كفرهم، وجمودهم على تقليد من قبلهم. والتعبير بقوله- تعالى- فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ يرسم صورة بليغة لإقبال الدنيا عليهم من جميع أقطارها بجميع ألوان نعمها، وبكل قوتها وإغرائها، فهو اختبار لهم بالنعمة بعد أن ابتلاهم بالبأساء والضراء.