أمنية طلبها “ماركيز” بإلحاح من ابنيه.. وسر حزنه الشديد قبل وفاته بـ7 سنوات
ثقافة أول اثنين:
جابرييل جارسيا ماركيز… تحتفي الأوساط الأدبية بذكرى ميلاده ورحيله في الفترة من السادس من مارس، حيث ولد في مثل هذا اليوم، وحتى السابع من عشر من أبريل، حينما رحل عن عالمنا.
من أحدث الكتب التى صدرت عن جابرييل جارسيا ماركيز، الفائز بجائزة نوبل للآداب، والتي كشفت لجمهور القرء عن جوانب عديدة في شخصيته، كتاب “في وداع غابو ومرسيدس” الصادر عن دار آثر للنشر، بترجمة أحمد الشافعي، وهو كتاب يكشف عن مذكرات جابرييل جارسيا ماركيز وزوجته مرسيدس بارتشا، والتي يرويها ابنهما رودريغو جارسيا.
ومن أولي الجوانب التي يكشف عنها رودريغو جارسيا هي أكثر ما كان ماركير يتمناه من ابنيه مع الألفية الجديدة، وعن رأيه وشعوره بالتقدم في العمر، سواء على المستوي الأدبي أو الشخصي.
يقول رودريجو جارسيا: حينما كنت وأخي طفلين، أخذ أبي علينا عهدا بأن نقضي ليلة رأس سنة 2000 معه، وذكرنا بعهدنا ذلك مرات عديدة خلال مراهقتنا، فكنت أجد من إصراره ذلك حرجا. ثم انتهيت إلى تفسيره بأنه أمنية لديه بأن يظل حيا حتى ذلك التاريخ، فيبلغ الثانية والسبعين، وأبلغ الأربعين، ويبلغ القرن الواحد والعشرين نهايته.
ويضيف رودريجو جارسيا: وكم كانت تلك اللحظات الكبرى تبدو شديدة البعد، وأنا لم أزل في مراهقتي. ولما كبرت أنا وأخي حتى صرنا راشدين، لم يعد ذلك العهد يذكرنا إلا نادرا، واجتمعنا بالفعل في عشية الألفية الجديدة في المدنية الأحب إلى أبي، وهى قرطاجنة دي إندياس، قال لي أبي في حياء: “لقد كان بيننا اتفاق”، أنا وأنت، فلعله آنذاك كان يجد هو نفسه بعض الحرج من إصراره، قلت “صحيح”، ولم نشر إلى الأمر بعدها قط. وعاش خمس عشرة سنة أخرى.
ويشير رودريجو جارسيا إلى أن ماركيز حينما بلغ الستين من عمره، سأله عما يفكر فيه بالليل، بعد أن يطفئ المصابيح. فقال “أفكر في أن الأشياء تقريبا انتهت”، ثم أضاف وهو يبتسم “ولكن لم يزل هناك وقت. فلا داعي بعد للإفراط في القلق”. كان تفاؤله حقيقا، وليس محض محاولة تسرية عني. قال: “إن المرء يستيقظ في يوم من الأيام فإذا به شيخ. بهذه البساطة، دونما إنذار. يا له من أمر مذهل”. وقال: “سمعت قبل سنين أن الكاتب يأتي عليه في حياته حين من الدهر فلا يعود قادرا على كتابة عمل روائي طويل. لا يستطيع الدماغ أن يسيطر على المعمار الهائل أو يمخر عباب المناطق الغادرة في رواية طويلة. وهذا صحيح أستطيع أن أشعر به الآن. فلا مجال، بداية من الآن، إلا لمقطوعات قصيرة”.
وحينما بلغ ماركيز الثامنين من عمره سأله رودريغو جارسيا كيف يجد هذا العمر، فقال: إن “المشهد من الثمانين مدهش، فعلا، والنهاية قريبة”
فقلت له: “خائف”
قال: “بل حزين حزنا طاغيا”.
حينما أرجع التفكير في تلك اللحظات، تجيش مشاعري حقا إذ أتذكر كم كان قريبا، وأتذكر بصفة خاصة كم كانت أسئلتي قاسية.