معركة أمريكية بريطانية.. هل تضطهد جائزة البوكر الإنجليزية أدباء العم سام؟
ثقافة أول اثنين:
على مدار 54 عامًا من تاريخها، أصبحت جائزة البوكر للرواية محط أنظار الأدباء والنقاد والقراء، وعلى مدار تاريخها دائما ما تتعرض الجائزة لانتقادات عديدة، أبرز هذه الانتقادات ما تعرضت له مؤخرا بأنها تتعمد عدم فوز روايات الجريمة بجائزتها الشهيرة.
الاستنتاج الأول لعدم فوز روايات الجريمة بالبوكر، حسبما يقول الكاتب والمحرر والأكاديمي، مايكل بروجر، في دراسة له، نشرها موقع “البوكر” هو أن أعضاء لجان التحكيم، على مر السنين، يتجاهلون باستمرار أكثر أشكال الرواية شيوعًا لأسباب تتعلق ربما بالغطرسة والنخب الأدبية.
يقول مايكل بروجر أنه على الرغم من أن التعريفات والأنواع الأدبية غالبًا ما تكون مقيدة أو غير محددة، وأن الروايات متعددة الأنواع وتجتاز العديد من المجالات في وقت واحد، لا يزال أتباع أدب الجريمة يبدون شكواهم بانتظام، ويشيرون إلى حقيقة أن أبرز أدباء الجريمة لم يصلوا إلى القائمة الطويلة، ومنذ أن تم فتحت الجائزة الباب أمام جميع الكتاب في أنحاء العالم عام 2014، لم يكن هناك أي من الأمريكيين ذوي الأسماء الكبيرة، مثل جيفري ديفر وجيمس باترسون.
جائزة البوكر العالمية للرواية فى اليوم السابع
في عام 2018، وصلت رواية Snap للكاتبة بليندا باور إلى القائمة الطويلة. حقيقة أن “باور”، الحائزة على كل من جائزة Gold Dagger لرابطة كتاب الجريمة وجائزة Theakston’s Old Peculiar Crime Novel of the Year، قد تم ترشيحها لما بدا أنه رواية جريمة أرثوذكسية – حول صبي يشرع في اكتشاف قاتل والدته – كان ينظر إليه على أنه غير عادي للغاية. تذكرت باور نفسها أنها تعرضت لبعض الانتقادات على تويتر، وقيل حينها بأنها كيف تجرؤ على الاعتقاد بأنها يمكن أن تكون في هذه القائمة الطويلة؟
ومع ذلك، فإن جائزة البوكر كانت في الواقع متشابكة منذ فترة طويلة مع روايات الجريمة. وعلى الرغم من وجود بعض الحقيقة في اتهام عشاق أدب الجريمة، إلا أنها تنطبق فقط على العقود الأولى لجائزة البوكر عندما كانت الفئات الثقافية أكثر ثباتًا. منذ التسعينيات فصاعدًا، ظهرت روايات الجريمة، أو على الأقل الكتب التي تعتبر الجريمة فيها الدافع الرئيسي، بشكل منتظم في القوائم الطويلة والقصيرة.
درع جائزة البوكر العالمية
بالعودة إلى عام 1989، على سبيل المثال، تم ترشيح الكاتب الأيرلندى جون بانفيل، الذي سيواصل الفوز بالجائزة في عام 2005 عن رواية The Sea، والقائمة القصيرة لرواية “كتاب الدليل” وهي قصة عن الفن والسرقة والقتل يرويها راوي غير موثوق به. ثم في عام 1992، تم ترشيح روائي أيرلندي آخر، وهو باتريك مكابي، في القائمة القصيرة عن رواية “صبي الجزار”، الذي يتبع فرانسيس برادي، وهو تلميذ يعاني من الأوهام العنيفة، حيث يتقدم إلى السجن في مؤسسة عقلية وفي النهاية يقوم بأكثر أنواع القتل بشاعة.
انطلق احتضان جائزة البوكر لأدب الجريمة بالفعل في الألفية الجديدة، وتحديدا في عام 2000، حينما تم ترشيح رواية “حماة الحقيقة” لمايكل كولينز إلى القائمة القصيرة، وفي عام 2003، تم إدراج جراهام سويفت، الذي فاز بالجائزة في عام 1996، في القائمة الطويلة عن رواية “نور النهار”، وكذلك جولي مايرسون عن رواية “شيء ما قد يحدث”.
شيهان كاروناتيلاكا
مع مرور العقد، تبع ذلك المزيد من الترشيحات: تم إدراج ريتشارد هاوس في القائمة الطويلة عن رواية “القتل”، وفي عام 2013؛ قدمت كل من الكاتبة أوتيسا مشفق والكاتب جرايم ماكراي بيرنت للقائمة القصيرة لعام 2016 مع “إيلين” و”مشروعه الدموى” على التوالي؛ وتم ترشيح بيرسيفال إيفريت في للقائمة القصيرة في عام 2022 مع “الأشجار”، كما وصلت الكاتبة الأرجنتينية كلوديا بينيرو إلى القائمة القصيرة للجائزة الدولية عن رواية “إلينا تعرف”، وفى كل هذه الروايات يعد الحدث الإجرامي أمرًا محوريًا.
بالإضافة إلى ذلك، فلا فقد تم إدراج واحدة من الأسماء العظيمة في كتابة الجريمة، وهى روث ريندل، في القائمة الطويلة عن رواية شيء مذنب مندهش لجائزة Lost Man Booker لعام 2010.
جائزة البوكر العالمية
وإذا ما نظرنا إلى أقرب الأحداث، سنجد أن رواية “الأقمار السبعة لمعالي الميدا” للكاتب شيهان كاروناتيلاكا، الفائز بجائزة البوكر 2022، هي تدور في إطار الجريمة، فالشخصية الرئيسية تستيقظ في الآخرة، وتجد نفسها ممزقة وتواجه سباقًا مع الزمن للعثور على من قتلها قبل أن تعيش الأبدية.
لطالما نظرت أفضل روايات الجريمة إلى ما هو أبعد من نفسها أيضًا – إلى التعقيد النفسي والبيئات المفعمة بالذكريات والتي تم بحثها بعمق، والتعليقات الاجتماعية والتأملات حول الحالة البشرية، وهو ما ينقلنا إلى المرحلة التالية المهمة، وهى عملية التحكيم، التي تتم فيها قراءة كل كتاب رواية مرة واحدة على الأقل لكى تصل إلى القائمة الطويلة، ثم تتم قراءة هذه القائمة مرة ثانية لاختيار القائمة القصيرة، وتتم قراءة هذه الكتب الستة مرة أخرى على الأقل قبل اختيار الفائز، ولا يمكن للعديد من الروايات أن تتحمل ثلاث قراءات في غضون أشهر دون أن تفقد مزايا بريقها. كما أنه ليس من الممكن إنسانيًا للقضاة استعادة هذا الشعور بالدهشة والرضا عندما تتجمع كل خيوط رواية الجريمة الجيدة ويتم حل السرقة أو القتل – أو أياً كان فعل انتهاك القانون. ستفتقر القراءات اللاحقة دائمًا إلى هذا الارتعاش ولا يمكن للتشويق أن يكون مثيرًا للتشويق مرة أخرى، ومن هنا فإن الكتب التي تحتوي على جريمة كموضوع رئيسي لها تضع نفسها في وضع غير مؤات، لكن ما هو واضح، هو أن البوكر لديها ماض طويل مع روايات الجريمة، وأنها تتطلع إلى مستقبل قاتل أيضًا.