مصطفى عبد الرازق.. ما الذى جاء بـ ” تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية”
ثقافة أول اثنين:
مصطفى عبد الرازق، أول أزهرى يتولى مشيخة الجامع الأزهر، وحمل راية التنوير والإصلاح الدينى، كما أنه تولى وزارة الأوقاف 8 مرات، ووصف بأنه مجدد للفلسفة الإسلامية فى العصر الحديث، وله العديد من المؤلفات من بينها “تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية”، فماذا جاء به؟.
كتاب “تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية” يكتسب قيمة تاريخية ومذهبية كبرى بين الكتب التي أُلِّفتْ في مجال الفلسفة الإسلامية خلال القرن العشرين، حيث يختلفُ عنها جميعًا فلي موضوعاتهِ ونتائجه فمن ناحية؛ لم يأت الكتاب على النحو المألوف والنهج المعروف عند المؤلفين الشرقيين والمستشرقين، ممن اتهمواالفلسفة الإسلامية بعدم الدّقةِ والأصالةِ والعجزعن الابتكار، وبأنها ليسلت إلا مُحاكاة للفلسفة اليونانية، أو اختصارًا سيئًا قامَ به مترجمون ضُعفاء للفكر اليونانيّ القديم ومن ناحية أخرى.
ويعد التمهيد كتابًا في المنهج بالدرجة الأولى: منهج الشيخ مصطفى عبد الرازق في دراسة تاريخ الفلسفة الإسلامية، حيث قدم فيه تصورًا خاصًّا بنشأة الفكر الفلسفيّ في الإسلام بعد أن كان يدرَس قبل ذلك على نحو يميل إلى النظر الغربيّ لقد أراد الشيخ بمحاولته هذه أن يثبّت في الأذهان أهمية الدرس الفلسفي وضرورته في جهود النهضة المعاصرة.
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
وكتب رائد الفكر الفلسفى الإسلامى، فى كتابة “تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية”، لم يكن للعرب قبل الإسلام مَباحثُ فلسفية تُذكَر، اللهم إلَّا بعض أشكال النظر العقلي البسيطة التي هدفَت إلى الاستدلال على خالق الكون.
وتابع الدكتور مصطفى عبد الرازق: ومع ظهور رسالة الإسلام وانطلاق العرب لفتح البلاد، تعرَّفوا على علوم الفلسفة اليونانية والفارسية والهندية، ولكنهم شُغِفوا بأعمال اليوناني «أرسطو»، فاعتنَوْا بترجمتها ودراسة شروحها، فتأثَّروا بها أيَّما تأثُّر؛ الأمر الذي جعل بعض المستشرقين يُقرِّرون أنْ ليس هناك فلسفةٌ إسلامية أو عربية خالصة، بل هي تَرجماتٌ عربية لمؤلَّفاتِ «أرسطو»، وقد عَدَّ مؤلِّفُ الكتاب هذا الرأيَ مُتعسِّفًا؛ حيث رأى أن الفلسفة الإسلامية مرَّت بأطوارٍ طبيعية من التكوين والتأثُّر حتى قدَّمت موضوعاتها الخاصة، فظهر مثلًا «علم الكلام» الذي وُضِع للدفاع عن الدين ضد المتشكِّكين مُستخدِمًا أدواتٍ ووسائلَ منطقية وجدلية، كما ظهرت مدارسُ فلسفية، مثل «المعتزلة» و«المتصوِّفة»، أَثْرَت أعمالُها الفكرَ الإنساني.
ولد الشيخ مصطفى عبدالرازق فى عام 1885م، فى قرية أبو جرج بمحافظة المنيا، ونشأ فى كنف والده “حسن عبدالرازق” الذى كان عضوا بالمجالس شبه النيابية التى عرفتها مصر منذ عصر الخديوى إسماعيل، وكذلك من مؤسسى جريدة “الجريدة وحزب الأمة”.
بدأ مصطفى عبد الرازق حياته مع حفظ القرآن الكريم، وعندما أتم العاشرة انتقل إلى القاهرة، حيث التحق بالأزهر ليحصل العلوم الشرعية واللغوية، فدرس الفقه الشافعي، وعلوم البلاغة والمنطق والأدب والعروض والنحو وغيرها، وبدأ يتردد منذ سنة 1903م على دروس الإمام محمد عبده، فأصبح من تلاميذه.
بدأ الشيح مصطفى عبدالرازق حياته العامة بعد حصوله على شهادة العالمية من الأزهر “درجة البكالوريوس” فى عام 1908م، فشارك فى الجمعيات العلمية والأدبية، وفى عام 1911م سافر إلى باريس لاستكمال دراسته العليا، فالتحق بجامعة السوربون لدراسة اللغة الفرنسية، ثم انتقل إلى “جامعة ليون” ليدرس أصول الشريعة الإسلامية.
ليعود إلى مصر فى 1914م، بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، ليعين موظفا فى المجلس الأعلى للأزهر، ومفتشا بالمحاكم الشرعية، ثُم مدرسا للفلسفة ﺑالجامعة المصرية، ثُم وزيرا للأوقاف مرتين، ثم عين شيخا للأزهر خلفا للشيخ فى 1945م.
وعبر مسيرته الطويلة كتب العديد من المؤلفات، فكتب دراسة صغيرة أدبية عن البهاء زهير الشاعر المعروف، وأصدر كتابه «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، كما كتب «فيلسوف العرب والمعلم الثانى، والإمام الشافعى، والشيخ محمد عبده»، وغيرها الكثر ليرحل عن عالمنا فى عام 1947م.