الفقهاء والحب.. ما قاله الإمام بن حزم فى الغرام والمحبة
ثقافة أول اثنين:
يحتفل المحبون اليوم بعيد الحب، وهو أمر مهم ناقشه الشعراء والكتاب والفلاسفة والعلماء ورجال الدين أيضا، ومن أشهر الذين تعرضوا للحب وشجونه كان الإمام بن حزم.
يقول الإمام بن حزم فى كتابه طوق الحمامة
“الحب أعزك الله أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة، وقد اختلف الناس في ماهيته وقالوا وأطالوا، والذي أذهب إليه أنه اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع. وقد علمنا أن سر التمازج والتباين في المخلوقات إنما هو الاتصال والانفصال. والشكل دأبًا يستدعي شكله، والمثل إلى مثله ساكن ، وللمجانسة عمل محسوس وتأثير مشاهد، والتنافر في الأضداد، والموافقة في الأنداد”.
وعن علامات الحب يقول ابن حزم
وللحب علامات يقفوها الفطن ويهتدى إليها الذكى. فأولها إدمان النظر، والعين باب النفس الشارع، وهي المنقبة عن سرائرها، والمعبرة لضمائرها، والمعربة عن بواطنها، فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب، وينزوي بانزوائه، ويميل حيث مال.
ومن علاماته أنك ترى المحب يحب أهل محبوبه وقرابته وخاصته حتى يكونوا أحظى لديه من أهله ونفسه ومن جميع خاصته. والبكاء من علامات المحب ولكن يتفاضلون فيه. فمنهم غزير الدمع هامل الشؤون، تجيبه عينه، وتحضره عبرته إذا شاء.
ومنهم جَمود العين، عديم الدمع، وأنا منهم. ومن علاماته أنك تجد المحب يستدعي سماع اسم من يحب، ويستلذ الكلام في أخباره، ويجعلها هجيراه، ولا يرتاح لشيء ارتياحه لها، ولا ينهنهه عن ذلك تخوف أن يفطن السامع، ويفهم الحاضر، وحبك الشيء يعمي ويصم. فلو أمكن أن لا يكون حديث في مكان يكون فيه إلا ذكر من يحبه لما تعداه، ومن عجيب ما يقع في الحب طاعة المحب لمحبوبه، وصرفه طباعه قسراً إلى طباع من يحب.
وترى المرء شرس الخلق، صعب الشكيمة، جموح القيادة، ماضي العزيمة، حمي الأنف، أبي الخسف، فما هو إلا أن يتنسم نسيم الحب، ويتورط غمره، ويعوم في بحره، فتعود الشراسة ليانًا، والصعوبة سهولة، والمضاء كلالة، والحمية استسلاماً».