فنان تشكيلى يتهم الشروق بحذف فقرات من كتاب لـ توفيق الحكيم.. ودار النشر ترد
ثقافة أول اثنين:
كانت البداية عندما نشر الفنان التشكيلي مصطفى رحمة، على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” ما يلي: جريمة ترتكبها دور نشر
إما تنقذوا تُراثنا من كُتب وروايات مثقفينا وكتّابنا الكبار، أو تتركوها نهباً لدور النشر تفعل بها ما تشاء، فقد فعلت دار نشر كبيرة ما يحلو لها بالمطبوعات، بأن حذفت ما تراه يخالف المعتقد السلفي، بأن سمحوا لأنفسهم هذه السيادة والسيطرة والوصاية على القراء من خلال مطبوعات تلاعبوا بها، ولأن الفكر الطائفي منتشر في مجتمعنا، أوليس هُمّ من روجوا لكتابات قطبهم المجرم سيد قطب.
أقتنيت أول أمس كتاب الأديب والمفكر توفيق الحكيم، ولأنه طرح ما يعتقده عن التراث الحضارى لمصر (تحت شمس الفكر ) أحد أهم كتب الحكيم، قلبت في الكتاب حتى أعثر على النص الذي كان سبباً لاقتنائي الكتاب فلم أجده ! فبكل صلف تلاعبت الدار بالكتاب بأن أزالت كل ما قال به الرجل عن حضارة مصر القديمة، قياساً على حضارات بائدة، والتأكيد على دور مصر الحضارى والذي تناوله العديد من المفكرين ومنهم د طه حسين بالطبع، ولأنهم آمنوا بمصر الحضارة ، ويجب انعزالها عن العرب بأن جعلت من الكتاب وحولته إلى كتاب اسلامي تقليدي يقدم السيرة النبوية بعدد من الصفحات بالمقدمة التي كانت مخصصة لسيرة المصريين القدماء.
البعض يقول أن هذه الدار أخذت الأصول من مكتبة مصر التي أخذتها بدورها عن دار سعد مصر للطباعة والنشر- والتي طبعته بالعام 1935، ومن ثم تمت طباعته عدّة مرّات، ولمن يهتم سأنشر تباعاً بعضاً مما ازيل من الكتاب، وهنا نص نقلته عن الكتاب الصادر بالعام 45 الطبعة الثالثة.
الحكيم :
قد يكون للدين دخل فى تأخر النحت والتصوير عند العرب، وذكر أنه يعتقد فى براءة الدين، لأنّ العرب (من وجهة نظره) كانوا دائمًا ( ضد الدين) كلما وقف الدين ضد رغبات طبائعهم، لقد حرّم الدين الشراب فأحلوا هم الشراب فى قصور الخلفاء، وما وُصفتْ الخمر ولا مجالس الخمر فى أدب أمة بأحسن مما وُصفتْ فى الأدب العربى.
فلا شيء فى الأرض ولا فى السماء يستطيع أنْ يحول بينهم وبين اللذة.
أما النحت والتصوير فليس من طبيعتهم، لأنّ تلك الفنون تتطلب فيمن يُزاولها إحساسًا عميقــًا بالتناسق العام المبنى على التأمل الطويل ، والوعى الداخلى للكل فى الجزء وللجزء فى الكل.
وليس هذا عند العرب . فهم لا يرون إلاّ الجزء المُـنفصل وهم يتمتعون بكل جزء على انفراد ولا حاجة لهم بالبناء الكامل المُـتسق فى الأدب ، لأنهم لا يحتاجون إلاّ للذة الجزء واللحظة. قـليل من الكتب العربية فى الأدب يقوم على موضوع واحد مُـتصل ، إنما أكثر الكتب كشاكيل فى شتى الموضوعات ، تأخذ من كل شيىء بطرف سريع
: من حكمة وأخلاق ودين ولهو وشعر ونثر ومأكل ومشرب وفوائد طبية ولذة جسدية. وحتى إذْ يُـترجمون عن غيرهم يُسقطون كل أدب قائم على البناء ، فلم ينقلوا ملحمة واحدة ولا تراجيديا واحدة ولا قصة واحدة.
إنّ العقلية العربية لا تشعر بالوحدة الفنية فى العمل الفنى الكبير، لأنها تتعجّل اللذة . لهذا كله قصر العرب وظيفة الفن على الترف الدنيوى وإشباع لذات الحس .
لذلك فمن المستحيل أنْ نرى عند العرب أى ميل لشئون الروح والفكر بالمعنى الذى تفهمه الهند ومصر من كلمتىْ الروح والفكر. إنّ العرب أمة عجيبة ، تحقق حلمها فى هذه الحياة فتشبثتْ به تشبث المحروم. وأبتْ إلاّ أنْ تروى ظمأها من الحياة وأنْ تعب من لذاتها عبًا قبل أنْ يزول الحلم وتعود إلى شقاء الصحراء.
واضح من النص هنا سبب إزالتهم له، والغريب أن النص هنا بمقدمة الكتاب.
وبكره نكمل
يوجد فهرس الكتاب بعدما تلاعبوا به ؟
ومن جانبها ردت دار الشروق فى بيان صحفي قالت فيه:
دار الشروق تنفي ادعاءات كاذبة بشأن كتاب لتوفيق الحكيم وتقاضي مروجها، وتنفي دار الشروق نفيا تاما الادعاء الكاذب بأنها حذفت فقرات من كتاب “تحت شمس الفكر” للأديب الكبير توفيق الحكيم.
وتستغرب دار الشروق أن المدعي قرر عامدا متعمدا ألا يرى النص المنشور كاملا وواضحا وجليا في صفحتي ٥٣ و٥٤ من طبعة دار الشروق (مرفق). بل قام قاصدا بإغفال هذه الفقرات الواضحة في طبعتها من الكتاب رغم انه يفترض أن من بديهيات عمله دقة الملاحظة والتميز في الإحاطة العميقة بالتفاصيل.
والأكثر إثارة للشبهات أنه لم يكتفِ بهذا الخداع والتدليس، بل بنى عليه مجموعة من الاستنتاجات المغرضة والاتهامات الكيدية بقصد الإضرار والتشويه اعتمادا على ادعائه الكاذب المضلل وتعمده تجاهل الحقائق الواضحة واختلاق وقائع لم تحدث. وتجد دار الشروق نفسها آسفة وحزينة لاضطرارها لاتخاذ الاجراءات القانونية الكفيلة بحماية سمعتها وكافة حقوقها المادية والأدبية.
كما تعرب الدار عن استغرابها من تكرار تلك الحملات المغرضة، وإقدام بعض المنصات الإعلامية على تبنيها دون القيام بالحد الأدنى من المسؤولية المهنية للتحقق منها، سواء بفحص الكتاب محل الادعاء أو بالاتصال بدار الشروق لطلب رد منها احتراما للقراء وللحقيقة والقانون.
علما بأن دار الشروق قد نشرت طبعتها من كتاب “تحت شمس الفكر” عام ٢٠٢٠ وهي مودعة إيداعا قانونيا لدى دار الكتب والوثائق القومية برقم ٢٥٩١٧ لسنة ٢٠١٩، وذلك ضمن عشرات العناوين التي أصدرتها الشروق من مؤلفات الأديب الكبير توفيق الحكيم، خلال السنوات العشرين الماضية، وذلك كله بالتنسيق الكامل مع ورثة الأديب الكبير وأكفأ المتخصصين.
وتنتهز دار الشروق هذه المناسبة لتؤكد من جديد حرصها على حماية حرية التعبير والنشر واحترام وصيانة والدفاع عن حقوق الملكية الفكرية بكافة معانيها ومدلولاتها.