حملة “اليوم السابع” لن يضيع مستمرة.. أنقذوا تراث نعمات أحمد فؤاد
ثقافة أول اثنين:
– نزاع قضائى بين أبناء الكاتبة الراحلة على تركتها الثقافية.. الدعوى تطالب بتعيين خبير مثمن لبيع المقتنيات فى «مزاد».. والتركة تضم «40 ألف كتاب ومخطوط» ولوحات للكاتبة وابنتها بيد صلاح طاهر وبيكار ومركب للشمس بتوقيع شادى عبدالسلام
– مكتبة الكاتبة الراحلة المعرضة للبيع تضم مجموعة ضخمة من شرائط أحاديثها مع أم كلثوم وكتاباتها بخط يدها.. ومحامى الورثة يرفض التعليق
جانب من إرث نعمات إحمد فؤاد
نعمات أحمد فؤاد
بعد هذه الديباجة التمهيدية، تذكر المذكرة القانونية التى تقدم بها محامى ابن الكاتبة «أحمد طاهر» أنه تقدم بدعوى قضائية أما محكمة جنوب القاهرة لاقتسام الأموال «الشائعة» أى الأصول التى ليس لها قيمة محددة كالذهب أو العقارات أو الأموال المرصودة، وفقا لنص القانون الذى يقول «إذا اختلف الشركاء فى اقتسام المال الشائع، فعلى من يريد الخروج من الشيوع أن يكلف باقى الشركاء الحضور أمام المحكمة الجزئية، وتندب المحكمة إذا رأت وجها لذلك خبيرا أو أكثر لتقويم المال الشائع وقيمته حصصا إن كان المال يقبل القسمة عينا دون أن يلحقه نقص كبير فى قيمته» وطبقا لهذه الحالة يريد ابن الكاتبة الكبير إنهاء «حالة الشيوع» التى تسبب فيها موت الكاتبة الكبيرة، وحالة الشيوع هنا تنطبق على «المنقولات» أى كل ما تركته الكاتبة الكبيرة، وقد كان من الممكن أن نعتبر هذه القضية «قضية عادية» أو خلافا أسريا لجأ بعض أفراده إلى القضاء من أجل الفصل فيه وهو أمر عادى ومقبول، لكنه نظرة واحدة إلى القائمة الواردة فى المذكرة القانونية التى تقدم بها محامى الابن تخبرنا أن الأمر لا يقتصر على المنقولات العادية فحسب وإنما يشمل كذلك المقتنيات التراثية والثقافية، لذلك أقيمت هذه الدعوى من أجل تعيين خبير من خبراء وزارة العدل بالجيزة «تكون مهمته فرز وتجنيب حصة الطالب فى المنقولات السالف ذكرها وبيعها بالمزاد العلنى إن تعذر الفرز والتجنيب».
تشمل القائمة كما ذكرنا العديد من مفردات الأثاث المختلفة، لكن اللافت للنظر هو أنها تشمل أيضا العديد من مفردات التراث وثيقة الصلة بالكاتبة الكبيرة، وكل هذه المقتنيات بالطبع معرضة للبيع إذا ما عينت المحكمة خبيرا للتثمين أو قررت بيعها فى المزاد العام، ولا يهمنا هنا ما يمكن أن نطلق عليه وصف «عفش» أو «أثاث»، لكن يهمنا ما يقع فى دائرة المقتنيات الثقافية، إلى جانب «أرشيف» الكاتبة الذى وإن كان لم ينص عليه صراحة ولكنه بالطبع سيكون ضمن محتويات مكتبتها الخاصة المعروضة للتثمين، ومنها مثلا..
عدد معى هذه المقتنيات المهمة «بيانو schumann»، لوحة النيل للملكة فريدة هدية خاصة، جدارية حاملات القرابين طبق الأصل من قسم النماذج المتحف المصرى، تمثال جامعات العنب من حديد، ومورانو فرنسى، سجادة فارسى، سجادة 3.55 فارسى قديم، تمثال مرمر فينوس، مكتبة حرف U طولها نحو 8 أمتار تقريبا، ترابيزة عربى من أعمال أسعد نديم، لوحة الأمل هدية من صلاح طاهر، لوحة الرزق من أعمال صلاح طاهر، بورتريه د. نعمات من أعمال صلاح طاهر، بورتريه فينان من أعمال حسين بيكار، دائرة المعارف البريطانية عام 1964 تقريبا، مركب الشمس – نموذج هدية من الفنان شادى عبدالسلام، لوحة البحر زيت بريشة فنان فرنسى، مكتب فرنسى كروازية قطعة خشب واحدة وكرسيه، طاولة متحفية عليها تاريخ العالم من قبل التاريخ وحتى الحرب العالمية الأولى، عدد 2 سجادة توأم كرمان نادرة، دولاب أرابيسك قديم مطعم بالصدف وبه 4 مكتبات بها كتب قيمة بعضها بخط يد د. نعمات، مكتبة دون ضلف من الأرض وحتى ارتفاع 2.5 متر بها كتب عربية وأجنبية عالية القيمة ونادرة، تمثال إخناتون من العاج على قاعدة أبانوس، مكتبة عربى من أعمال أسعد نديم، ترابيزة عربى من أعمال أسعد نديم، مكتب سكرتيرة ومكتبة فرنسى بها تسجيلات صوتية للدكتورة نعمات، عدد 2 مكتبة عرض 50 سم مفتوحة، عدد 3 سجاجيد فارسى، استديو به مكتبة أمامية وجانبية، مكتبة مفتوحة بارتفاع 3 أمتار من الأرض وبعرض 6 أمتار كلها كتب عربية وأجنبية، سجادة فارسى قديمة 43 مترا، لوحات وتحف ونجف متنوعة، بالإضافة إلى مكتبة كاملة من شرائط الكاسيت مخصصة لحوارات الراحلة نعمات فؤاد مع سيدة الغناء العربى «أم كلثوم»، ومن المعروف أن الكاتبة كانت من الصحفيات المقربات من كوكب الشرق وأجرت معها العديد من الحوارات الصحفية، كما أنها أصدرت عنها كتابين الأول بعنوان «أم كلثوم» والثانى بعنوان «عصر من الفن» كتبته الراحلة بعد موت كوكب الشرق، وأضافت إليه الكثير من المعلومات التاريخية والفنية.
بورتريه نعمات أحمد فؤاد
وبعد هذه القائمة الطويلة التى تمتد لتشغل ست صفحات، يذكر محامى ابن الكاتبة ما يريده من إقامة هذه الدعوى ألا وهو «ندب خبير من خبراء وزارة العدل بالقاهرة تكون مهمته الانتقال إلى الأعيان محل التداعى لفتحها ومعاينتها على الطبيعة وجرد محتوياتها، وذلك لبيان عدد المنقولات والكتب والمخطوطات الموجودة بكل منها ونوعها وبحث إمكانية قسمتها بين الطالب والمعلن إليهن دون إلحاق ضرر بهم أو الانتقاص من قيمة حصة كل منهم، وصولا إلى فرز وتجنيب حصة الطالب فى تلك المنقولات والكتب والمبينة وصفا وتفصيلا بصدر صحيفة الدعوى، وفى حالة تعذر القسمة تحدد قيمة الثمن الأساسى لتلك المنقولات تمهيدا لبيعها بطريق المزايدة.
أوراق القضية
ولأن القدر كان رحيما بنا فقد رأت المحكمة أن تنتدب خبيرا من وزارة الآثار لفحص هذه المقتنيات فى الجلسة المنعقدة فى 5 يناير الجارى، كما قررت أن تؤجل القضية لجلسة 9 فبراير المقبل للفصل فى القضية وإجراءاتها، وفى الحقيقة فإنى وبرغم تقديرى لبعد نظر المحكمة وحرصها على الصالح العام فإننى أرى أنه من المهم هنا والضرورى أن تنتدب المحكمة خبراء أيضا من وزارة الثقافة لفحص هذه المقتنيات، لأن معظم هذه المقتنيات لا تدخل ضمن حماية قانون حفظ الآثار، الذى ينظر خبراء الآثار من خلاله، وإنما تدخل ضمن قوانين حماية الكتب والمخطوطات والتراث غير المادى الذى ينظر من خلاله خبراء وزارة الثقافة، وجدير بالذكر هنا أننى حاولت التواصل مع الدكتور محمد مصطفى الجمال، محامى نجل الكاتبة الكبيرة، أو أى من أفراد أسرتها، لكنى للأسف لم أستطع، وقد أبلغنى الأستاذ «مصطفى الجمال» بأن عائلة الكاتبة الكبيرة ترفض الإدلاء بأية تصريحات صحفية أو تكشف إذا ما كانت تواصلت مع وزارة الثقافة أم لا، كما رفض إعطائى أية بيانات أو معلومات خاصة بالقضية بزعم الحفاظ على حقوق الموكلين.
جانب من المستندات
قليلات من الكاتبات اللاتى احتفظن ببريقهن فى حياتهن وبعد مماتهن، وبلا شك كانت الكاتبة الكبيرة نعمات أحمد فؤاد، على رأس هذه القائمة، وقد حفرت لنفسها مكانا بارزا فى الحياة الصحفية والأدبية، وكانت «عصرا من الصحافة» مثلما كانت تصف أم كلثوم بأنها «عصرا من الفن» وقد ماتت أم كلثوم وتناثر تراثها بين بائعى الأنتيكات وتجار التحف والمقتنيات والمجموعات الخاصة لأثرياء الوطن العربى بعد أن بيعت فيلتها وتناثر محتوياتها، ولم يبق منها إلا أقل القليل، وعلى ما يبدو فقد يواجه «تراث نعمات أحمد فؤاد» ذات المصير إن لم نتحرك سريعا وننقذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن يصبح تراثها فى أيدى «المجهول».
هذه صرخة ما قبل الكارثة، وإما أن نتحرك الآن أو نبكى على التراث المهدور، وقد نادى «اليوم السابع» بعمل حملة قومية للحفاظ على تراث رموز مصر وإنشاء «متحف الخالدين» و«المركز الوطنى لحفظ تراث رموز مصر» وسلمت بيدى مشروع إنشاء هاتين المؤسستين إلى الدكتورة «نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة» ومثل هذه الأزمات المتكررة والكوارث المحتملة تضعنا أمام ضمائرنا، إما أن نتحرك الآن أو نصمت إلى الأبد.