أدولفو كامينسكى.. مناضل تخصص في التزوير من أجل المقاومة
ثقافة أول اثنين:
توفى المصور الفرنسى الشهير، أدولفو كامينسكى، عن 97 عاما، بعد مسيرة حافلة من تزوير المستندات الرسمية لأجل خدمة المقاومة الفرنسية ضد النازيين، والذى ظل اسما بارزا في مجال تزوير المستندات الرسمية خدمة للمقاومة الفرنسية ثم للحركات المناهضة للاستعمار.
وفي كتاب لها وصفت ابنة المصور الفرنسي والدها بأنه كان “إنساناً ومصوراً ومقاوماً فرنسياً متخصصاً في تزوير المستندات الرسمية”، لكن رغم وقوفه إلى جانب وطنه فرنسا إلا أنه كان يهوديا من أصل أرجنتيني، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
أمضى ادولفو كامينسكي 30 سنة من حياته وهو يقوم بتزوير الأوراق والوثائق الرسمية ، ومؤلفة هذا الكتاب هي ابنته سارا التي قررت أن تكتب سيرة حياة والدها «ادولف كامينسكي، حياة مزوّر وثائق»، كما يقول العنوان.وهذا هو الكتاب الأول عن هذه الشخصية الغريبة التي شكّلت موضوع تحقيق تلفزيوني تحت عنوان «الهوية الخارجية».
ونفهم من سيرته أنه من مواليد الأرجنتين عام 1925 ثم هاجر مع أسرته إلى فرنسا عام 1932 وفي عمر السابعة عشرة انضمّ إلى المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي حيث وضع خبراته في ميدان الكيمياء تحت تصرّف مختبر سرّي لفبركة الوثائق المزوّرة من كل نوع. وكان قد عمل بعد التحرير فترة قصيرة من الزمن مع الأجهزة السريّة الفرنسية، لكنه تركها بسرعة مع بداية الحرب في الهند الصينية التي كان يعارضها كحرب استعمارية.وتنقل المؤلفة عن والدها قوله “ينبغي البقاء مستيقظا أطول وقت ممكن، والنضال ضد النعاس. ذلك أن الحساب بسيط.ففي خلال ساعة واحدة أستطيع إنجاز ـ فبركة ـ ثلاثين وثيقة.
بخلفية مميزة كمصور موهوب حقق أدولفو كامينسكي قفزات سريعة في عالم التزوير حتى نال سمات البراعة العالمية، حاملا على عاتقه أحلام المقاومة الفرنسية واليهود المضطهدين بمستندات مزورة، وبمرور الوقت وثقله في مجال التزوير عالميا، انخرط أدولفو بعد الحرب العالمية الثانية في أنشطة من أجل قضايا أخرى، لكن يظل أبرزها ضحايا الهولوكوست.
قطار التزوير، الذي قاده كامينسكي، من محطة المقاومة إلى الحركات المناهضة للاستعمار، منحه مكانة عالمية باعتباره المزود الأبرز للأوراق الرسمية المزورة المرتبطة بنضالات القرن العشرين كلها، وفي مختبر سري، استثمر كامينسكي معرفته بالكيمياء والحفر الضوئي الضروريين لتغيير لون الحبر الذي سيُستخدم في إصدار مستندات مزورة، ما أنقذ آلاف الأرواح.
خلفية قصيرة لكنها محملة بالخبرة أهلته للعمل لصالح المخابرات الفرنسية حتى استسلام ألمانيا، وساعد اليهود الناجين من معسكرات الموت على الهجرة إلى فلسطين، وفي العام 1971، أحجم عن تزوير المستندات، وعُرضت أعماله كمصور في متاحف عدة أبرزها متحف الفن وتاريخ اليهودية في عام 2019.
وتشرح المؤلفة أنه عندما أصبح والدها خبيرا في تزوير الوثائق، وتحديدا من أجل تزويد المقاومين الفرنسيين للاحتلال النازي بوثائق مزوّرة كي لا يقعوا بيد الأجهزة الألمانية وعلى رأسها الغستابو، لم يكن يدرك أنه كان قد دخل في سباق مع الزمن حيث كان لكل دقيقة ثمنها.
وما تؤكّده سارا هو أن ادولفو كامينسكي انخرط لفترة ثلاثة عقود كاملة في عملية تزوير الوثائق. وخدم دون كلل ولا تردد العديد من القضايا التي اقتنع بعدالتها في جميع أصقاع الأرض. لقد حلم ادولفو كامينسكي أن يكون مناضلا من أجل السلام في العالم، لكنه وجد نفسه في خدمة الكثير من المعارك. بكل الحالات يقول عن نفسه:”إن صحيفة سوابقي ـ سجلّه العدلي ـ عذراء”.