تميز بالازدهار.. حكاية عصر مصر الصاوى بعدما استمر لمدة 138 عامًا
ثقافة أول اثنين:
تعد الأسرة السادسة والعشرون، أو الأسرة الصاوية أو العصر الصاوي، من أمجد الفترات التاريخية في تاريخ مصر القديمة، خصوصًا في العصر المتأخر، أو في نهاية العصور المصرية القديمة.
لقد جاء الملوك الصاويون إلى حكم مصر نتيجة هروب الكوشيين من بلاد النوبة العليا إلى الجنوب تحت الهجمات الآشورية، ثم تراجع الآشوريين لاحقًا. وبسبب ذلك، نهض المحاربون الصاويون ليحكموا مصر التي كانت دولة مجزأة سياسيًا، وملأوا الفراغ السياسي في مصر القديمة آنذاك.
فترة الملوك الصاويين
ويقول الدكتور حسين عبد البصير، عالم المصريات ومدير متحف آثار مكتبة الأسكندرية، إنه على الرغم من أن مصر القديمة في تلك الفترة كانت تابعة للآشوريين، فإن مصر لم تعد خاضعة لحكم الكوشيين، وأُعيد توحيدها مرة أخرى تحت حكم مصري وطني رشيد، واستمر العصر الصاوي أو فترة الملوك الصاويين أو الأسرة السادسة والعشرين لمدة 138 عامًا منذ عام 664 إلى عام 526 قبل الميلاد.
وتابع الدكتور حسين عبد البصير: وفي عام 656 قبل الميلاد، نجح الملك بسماتيك الأول في ضم مصر العليا إلى ملكه الموحد حديثًا من خلال تعيين ابنته الأميرة نيتوكريس كزوجة إلهية مستقبلية للمعبود آمون في طيبة أو الأقصر الحالية، وبذلك تم توحيد مصر السفلى ومصر العليا نتيجة عملية سلمية في الأساس، وعلاوة على ذلك، كان الملوك الصاويون حكماء، فلم يخلعوا النخب الإقليمية في صعيد مصر من مناصبهم، لافتا إلى أن ثلثي مدة الأسرة الصاوية استغرقها حكم الملكين: بسماتيك الأول وأحمس الثاني، المعروف باسم الملك أمازيس.
ملامح فترة الملوك الصاويين
وأشار إلى أن العصر الصاوي كان فترة طويلة من الاستقلال والازدهار والنضال ضد القوى الدولية الكبرى في الشرق الأدنى القديم، وكان كذلك فترة مهمة لإعادة تأكيد مصالح مصر القديمة في الشرق الأدنى القديم، وفي أفريقيا في أعالي نهر النيل، ولقد نجح الملوك الصاويون في استعادة مجد مصر القديمة السابق لمدة تقرب من قرن ونصف بسبب أيديولوجيتهم الذكية وحكمتهم السياسية وحنكتهم العسكرية العالية، وكانت السياسات التوسعية في الشرق الأدنى القديم في صالح الملوك الصاويين، لا سيما عندما حاول الملوك الآشوريون والبابليون الكلدانيون دمج مصر في إمبراطورياتهم.
ثقافة العصر الصاوى
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير لقد استلهم الصاويون المجد من العصور الذهبية السالفة في مصر القديمة، ولا سيما عصور الدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة، وعلى الرغم من ضياع الكثير من الأعمال الفنية والمعمارية والأدبية التي تخص تلك الفترة، تكشف لنا الثقافة المادية المتبقية أن الصاويين كانوا على دراية كاملة بماضيهم، واستخدموا طرقًا مبتكرة للتعبير عن وجهة نظرهم الخاصة في التنوع الثقافي في العصر الصاوي، وعلى الرغم من أن الحكم الصاوي قد انتهى بسقوط الأسرة وخضوع البلاد للغزو الفارسي وتبعية مصر للإمبراطورية الفارسية، فقد كان من الصعب على الأخمينيين الفرس الحفاظ على سيطرتهم الدائمة على مصر دون قيام المصريين الوطنيين بثورات ناجحة ضد حكهم.
لقد كانت الأسرة السادسة والعشرون، أو الأسرة الصاوية أو العصر الصاوي، ابتسامة مبتسرة على وجه مصر التاريخي الذي هو شمس ترفض أن تغيب من أفق وذاكرة العالم، فمصر هي أم التاريخ، وهي التي علمت العالم أصول كل شيء.