مقالات أول اثنين

الثقة بالنفس: مفهومها وأهميتها ومقوماتها وخطواتها


الإنسان لديه الاستعداد لأن يكون صاحب شخصية قوية، لكن قد يفقد هذه القوة بفعل العوامل والظروف الأسرية أو الاجتماعية المحيطة به، عندها يصبح الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يكمل حياته بشخصيته الضعيفة دون محاولة إنقاذ نفسه ومستقبله، أو يجتهد لاكتساب هذه الصفة من جديد، ونظراً لأهمية الثقة العالية بالنفس؛ سنقوم بتوضيح خطوات اكتسابها في هذا المقال.

مفهوم الثقة بالنفس:

هي إيمان الإنسان بقدراته وإمكاناته ووجهة نظره في الأمور وأهدافه وقراراته؛ أي الإيمان بالذات واحترامها وتقديرها، فهي صفة يشعر معها الإنسان بالكفاءة والقدرة على مواجهة الظروف جميعها وباختلاف صعوبتها، ويمكن تصنيفها إلى نوعين كما يأتي:

1. الثقة المطلقة بالنفس:

هي ثقة الإنسان بنفسه استناداً إلى مقومات ومبررات قوية جداً تمنع أي ظرف من التأثير فيها أو إضعافها، فيواجه صاحبها مختلف الصعوبات ودون أن يقلل ذلك من ثقته بنفسه، وحتى إن فشل في تحقيق أمر ما فإنَّه يعاود المحاولة لأنَّه مؤمن باستطاعته.

2. الثقة المحدودة بالنفس:

تختلف هنا ثقة الإنسان بنفسه بحسب الظروف والمواقف والمكان والزمان والأشخاص المحيطين أيضاً، فترتفع مرة وتنخفض مرة أخرى.

أهمية الثقة بالنفس:

الثقة بالنفس ضرورية لكل فرد للأسباب الآتية:

  1. تعزز الثقة بالنفس قدرة الإنسان على تحقيق أهدافه في الحياة.
  2. تساعده على اتخاذ القرارات الأصح دائماً.
  3. تمكِّنه من الاستفادة من مختلف مهاراته ومعلوماته، ومن ثمَّ يؤدي الأعمال المطلوبة منه بإتقان.
  4. تساعده على تطوير ذاته باستمرار، وهذا يجعله أكثر سعادةً من غيره.
  5. تزيد من فرصة نجاحه في بناء علاقات إيجابية ودائمة، ومن ثمَّ تزيد من فرصة نجاحه في تأسيس عائلة مستقرة ومتحابة.

شاهد بالفيديو: 8 أسرار لتعزيز الثقة بالنفس

 

مقومات الثقة بالنفس:

مقومات عقلية، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام كما يأتي:

1. الذكاء:

إذ يتسم الإنسان الذكي بقدرته على القيام بالتصرف الصحيح غالباً وبتقييم الأمور بطريقة جيدة، ومن ثمَّ قليلاً ما يقع بالأخطاء، فيجعله ذلك شخصية مقبولة ومحبوبة من الآخرين في عمله ومنزله وحياته الاجتماعية، فهو قادر على نصحهم وتوجيههم وحل مشكلاتهم أيضاً، فيؤدي ذلك إلى زيادة ثقته بنفسه.

2. الذاكرة الجيدة:

فهي تساعد الفرد على الاحتفاظ بأكبر قدر من المعلومات والمهارات، كما تمنع من نسيان الأشخاص ممن يمرون في حياته، وكل ذلك يساعده على مجاراة متطلبات الحياة.

3. الخيال الواسع:

ويساعد الإنسان على التفكير بدقة عالية وبجميع التفاصيل، وهذا يساعده على تحديد الأهداف وتحديد كيفية الوصول إليها كي يسعى في الطريق الصحيح نحو أحلامه، وهذا يجعل تحقيقها مضموناً أكثر.

خطوات الثقة بالنفس:

يتصف بعض الناس بالثقة العالية بالنفس دون بذل جهود لاكتسابها، لكنَّ هذا لا يعني أنَّك لن تستطيع نسب هذه الصفة إليك، فكونها صفة هامة جداً عليك اتباع الخطوات الآتية لاكتسابها:

1. الاهتمام بالمظهر الخارجي:

فلا يمكننا إنكار أهمية المظهر الخارجي في العبور إلى قلوب الآخرين وتكوينهم لنظرة مبدئية جيدة عنك، كما أنَّ عيوب الشكل الخارجي كالوزن الزائد مثلاً تجعل الإنسان أقل ثقة بنفسه؛ لذلك حاول أن تعمل على تحسين شكلك الخارجي من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة باستمرار والنوم ساعات كافية والظهور بملابس أنيقة دائماً، ولا يعني ذلك ارتداء الملابس غالية الثمن؛ إنَّما بإمكاننا تنسيق الملابس بشكل أنيق على الرغم من بساطتها، إضافة إلى الاهتمام بالنظافة الشخصية.

2. الابتعاد عن الأشخاص السلبيين:

فالإنسان يتأثر بطبعه بما يسمعه من انتقادات سلبية، وقد يدفعه ذلك إلى الإحباط والاكتئاب؛ لذلك عليك تجنب أي شخص يحاول إيجاد العيوب في شخصيتك ويقلل من قدراتك، ومحاولة التقرب ممن يقدمون الدعم المعنوي لك وينقلون الطاقة الإيجابية إليك عندما تتحدث إليهم.

3. تجنُّب التفكير السلبي:

فكلمة “لا أستطيع” لا جدوى منها ويجب ألا ترددها مهما كانت المصاعب التي تواجهها كبيرة؛ وذلك لأنَّك قادر على تخطي كل ما يعترض طريقك دائماً، وانتقاء الكلمات المحفزة التي تؤثر في العقل تأثيراً إيجابياً ضروري جداً، فلا يمكن إقناع الآخرين بقدراتك إن لم تكن قادراً على إقناع عقلك أولاً؛ لذلك انتبه جيداً من التحدث مع نفسك بأفكار سلبية، وحاول استبدال الكلمات السيئة التي اعتدت إطلاقها على نفسك بكلمات تزيد من قوَّتك حتى إن كان أهلك أو زملاؤك أو أقاربك يطلقون عليك تلك الصفات السيئة كالكسول أو الفاشل، فقم أنت بترديد كلمات خلافها دائماً.

4. تحديد أهدافك:

لا تسعَ نحو كسب احترام وتقدير الآخرين لك من خلال تحقيق رغباتهم، فالإنسان الذي يربط نجاحه بما يعتقده الآخرون لن يحقق أي شيء على الإطلاق، ففكر جيداً بأحلامك وأمنياتك التي تسعد إن تحققت، ويمكنك البدء بوضع أهداف صغيرة والعمل على تحقيقها، مثل القراءة لمدة نصف ساعة يومياً، فإنَّ نجاحك في تحقيقها يعطيك الحافز للسعي نحو أهداف أكبر ويزيد ثقتك بنفسك تدريجياً.

5. التفكير بإنجازاتك السابقة:

حتى أبسط الإنجازات في الحياة تستحق أن نفتخر بها؛ لذلك اجلس مع نفسك وفكر جيداً بالماضي وتذكر ما حققته خلال حياتك، مثل حصولك على شهادة جامعية أو حصولك على عمل جيد أو شراء منزل أو مساعدتك لشخص محتاج أو وقوفك إلى جانب صديق في أوقات الفرح والحزن أيضاً، وغيرها من الإيجابيات التي تجعلك واثقاً من قدرتك على الإنجاز والتقدم ومن كونك شخصاً له تأثير إيجابي في المجتمع.

6. التعرُّف إلى نقاط قوَّتك:

لكل إنسان منا جانب مميز في شخصيته؛ ربما امتلاكه قدرات تفوق زملاءه في العمل وربما امتلاكه موهبة كالرسم أو العزف مثلاً، ومن أجل تعزيز الثقة بالنفس يجب السعي نحو تطوير هذه النقاط وتقويتها لتصبح مصدراً للفخر بنفسك أمام الآخرين والأهم أمام ذاتك.

7. تحديد نقاط ضعفك:

كي لا تكون نقاط ضعفك سبباً لخجلك أو خوفك أمام نفسك وأمام الآخرين، فمثلاً عدم إتقانك للغة الإنجليزية أو لاستخدام الحاسوب يتسبب بإحراجك في العمل فيجعلك غير واثق من إنجازك لمهامك على أتم وجه، فبدلاً من الاستمرار بهذا الوضع عليك اتباع دورات تدريبية لتقوية نفسك في كل مجال تجد نفسك ضعيفاً به.

8. التسامح:

لا تجعل الحقد أو الكراهية أو غيرها من المشاعر تؤثر فيك وتسيطر على تفكيرك حتى تجاه من انتقدك أو أخطأ في حقك؛ بل بخلاف ذلك تماماً تجاهل إساءته أو اشكره وامضِ، ثم أثبت له أنَّه مخطئ من خلال نجاحك وتميزك في الحياة وتجاهلك للانتقادات السلبية، فحتى الإنسان المنتقد قد يكون السبب في تطورك في الحياة، فقد لفت انتباهك لنقطة ضعف أو صفة سلبية في شخصيتك، وجعلك تفكر في تغييرها وتحسين نفسك.

شاهد بالفيديو: 8 طرق ذهبية لاكتساب الثقة بالنفس

 

9. الابتعاد عن المقارنة:

لأنَّ المقارنة تنتهي غالباً بالإحباط والحزن ثم انعدام الثقة بالنفس، وتذكَّر أنَّ الله عادل دائماً، فقد وهب لكل منا شيئاً مميزاً وحرمه بالمقابل من أمر ما، فلا يوجد إنسان كامل في هذه الحياة.

تنظر إلى جارك على أنَّه محظوظ لامتلاكه سيارة، وهو بالمقابل يعتقد أنَّك محظوظ لامتلاكك منزلاً جميلاً، لذلك انظر إلى ما تملكه وإلى قدراتك وطورها بدلاً من السعي إلى تعلُّم أشياء لا تحبها لمجرد أنَّ شخصاً ما ناجح في ذلك المجال وتريد تقليده.

10. اتباع دورات التنمية البشرية:

التي يقوم بها أشخاص متخصصون في هذا المجال، فتوجد اختبارات للثقة بالنفس وتمرينات وطرائق لبناء شخصية إيجابية وناجحة وذات ثقة عالية بالنفس؛ وذلك من خلال العمل على لغة الجسد وإدارة المشاعر والتحكم بالأعصاب وتعلُّم مهارات التواصل مع النفس ومع الآخرين.

نصائح تفيد في زيادة الثقة بالنفس:

  • دوِّن ما مررت به من مواقف إيجابية خلال يومك في المنزل أو العمل وحتى الكلمات الإيجابية التي وُجِّهت إليك؛ وذلك لأنَّ قراءة هذه الملاحظات لاحقاً ستعيد مشاعر السعادة التي ترافقت مع حدوث تلك المواقف وستعطيك شعوراً بالفخر.
  • خصِّص القليل من الوقت يومياً للاسترخاء والاستماع لموسيقى هادئة، فهي تساعد على تهدئة الأعصاب والتخلص من المشاعر السلبية.
  • مارِس التأمل؛ وذلك لدوره الكبير في التخلص من التوتر والإجهاد والتقليل من الضغوطات النفسية، ومن ثمَّ استعادة التوازن والسلام لينعكس ذلك إيجاباً على صحتك النفسية والصحة العامة.
  • لا تهمل العبادات؛ وذلك لأنَّ التقرب من الله يزيد من الشعور بالاستقرار الداخلي والطمأنينة والراحة النفسية التي تؤدي إلى رفع الثقة بالنفس.

في الختام:

الثقة بالنفس من الصفات الهامة التي يجب أن يتحلى بها جميع الناس لدورها الكبير في قدرة الفرد على تجاوز المشكلات والمصاعب وتحقيق النجاحات في مختلف مجالات الحياة والوصول إلى الأهداف المرجوة، فاكتسابها ليس بالأمر المستحيل لكن ليس بالأمر البسيط؛ إنَّما يتطلب منك التركيز والعمل والإرادة أيضاً، فلا يمكن إحداث أي تغيير في شخصيتك إن لم تكن تريد إحداثه.

تبدأ خطوات اكتساب الثقة بالنفس من السعي إلى تحسين المظهر الخارجي والابتعاد عن الأشخاص السلبيين ممن يضعفون عزيمتك بكلامهم، إضافة إلى الابتعاد عن التفكير السلبي ووضع الأهداف وتحديد الأمنيات، ثم النظر إلى الماضي وإنجازاته التي تؤكد قدرتك على الوصول إلى أهدافك، ومن الضروري العمل على تحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة بالاجتهاد والمثابرة.

لا تعتقد أنَّك لا تستطيع النجاح بالمقارنة مع الآخرين، فكل منا قادر على التميز في مجال ما لذلك ابتعد عن المقارنات، وإن كنت غير قادر على تعزيز ثقتك بنفسك فلا تتردد في اتباع دورات التنمية البشرية التي ستغير حياتك للأفضل حتماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى