مقالات أول اثنين

التجارب المريرة والتخلص من عبء الخجل الناجم عنها


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن جرايسون فيرجسون (Greyson Ferguson)، ويُحدِّثنا فيه عن الخجل وعبئه الكبير.

ذات مرة رنَّ هاتفي، ولكنَّني حاولت أن أخفي صوته قبل أن يرنَّ رنة ثانية، ورميته جانباً، ولم أكن أرغب في النوم، ولكنَّني لم أرغب في الاستيقاظ أيضاً، ولم أكن أريد التفكير، لكن لم يمنع ذلك عقلي من التفكير، بعدها ملأ شعاع الشمس غرفتي، ولم أتمكن من سحب الستائر لحجب ضوء النهار؛ لأنَّ زوجتي السابقة أخذت معها الستائر كلَّها عندما غادرت المنزل.

رنَّ الهاتف مرة أخرى، فأمسكت الوسادة وخنقت وجهي بها، لقد أردت أن يتوقف الرنين، وأردت أن يتوقف كلُّ شيء، فلماذا لا يستطيع العالم أن يتركني وحيداً؟ ثمَّ صمت الهاتف، ودعوت الله بصمت، ثمَّ رنَّ الهاتف مرَّة أخرى، وعندها شعرت بغضب شديد.

لم أرغب في الردِّ؛ لأنَّني لم أرغب في سماع صوت الشخص الموجود على الطرف الآخر من الهاتف، ولم أدرِ من المتصل، لكن لا يهمني الأمر، وبعد أسبوع من العزلة، رنَّ هاتفي مرتين فقط؛ أوَّل شخص كان يهمس بحزن وبصوت هادئ ودافئ كما يتحدث شخص ما مع حيوان خائف على أمل ألا يهرب منه، والشخص الآخر كان صوته حاداً يصرخ في نهاية كلِّ كلمة، وكان كلامه لاذعاً وأشعرني بالذنب والخجل.

لقد كافحت فعلاً من أجل تحمُّل شعوري بالخجل، وبذلت قصارى جهدي لكي لا يسحبني العبء الزائد إلى مستنقع الاكتئاب، ويمكنني أن أتحمل خجلي، لكنَّ خجلي من الآخرين هو ما قد يسحبني إلى مصيرٍ غامض من دون أيَّة وسيلة للهروب.

عبء الخجل:

توجد عدة أمور تجب معالجتها في أعقاب الطلاق، وبصرف النظر عن مدى استعدادك لذلك لن تكون مستعدَّاً وإن كان الأمر طلبك أنت أو قرارك، فلا شيء سيؤهلك لتلك الخطوة الأولى.

بالنسبة إلي لم يكن الطلاق طلبي، على الأقل لم أملك الشجاعة لأطلب الطلاق، وكان يجب أن أنقذ علاقتنا منذ مدة طويلة، لكنَّني لم أفعل ذلك، ففي بعض الأحيان يتطلب الأمر التمتع بالقوة للتخلي عن بعض الأمور، ولم أكن أرغب في أن نصل إلى النهاية، ومع ذلك كان يجب أن نصل إلى النهاية، وفي مرحلة معينة لم نعد نملك مساراً لمواصلة حياتنا معاً، وكان لا بدَّ من وجود محطة أخيرة، وكان علينا النزول.

حتى لو رأيت أنَّ النهاية قادمة، إلا أنَّ هذا الأمر لا يوقف الألم؛ إذ يمكن أن يؤدي انتهاء علاقتك إلى جَرحك، ويمكن أن تنزف، وكذلك يمكن أن تشعر بهذا الجرح مع كلِّ نفس تأخذه ومع كلِّ نبضة.

مع ذلك هذا ليس العبء الوحيد الذي يجب عليك تحمله، وبالنسبة إلي عندما لم أرغب في الخروج أو قضاء الوقت مع أصدقائي أو حتى رؤية عائلتي لم يكن السبب الوحيد هو أنَّني أفضِّل البقاء في المنزل بعيون منتفخة وشلال من الدموع ينهمر على وجهي، لكن كان الخجل الذي شعرت به هو السبب الآخر.

الخجل الذي شعرت به، كأنَّني شخص فاشل مثل طفل لم يكن يعرف ما يقوم به، وكان أحد أقربائي يتعرف إلى شخص جديد في كلِّ مرة أراه فيها؛ إمَّا زوجة مختلفة أو صديق مختلف، ولقد سخرت منه أكثر من بضع مرات عن مدى قصر العلاقات التي يفترض بأن تكون ذات مغزى.

لكنَّني أصبحت كذلك لم أشعر بالخجل من الحاضر فحسب؛ بل شعرت بالخجل لما قلته في الماضي أيضاً، ولقد نشأت في منزل متدين، وكان والدي قساً وأمي تمسكت بعقيدة معينة؛ لذا بقي الحديث عن الطلاق خفياً في عائلتنا، وكان بإمكاني الشعور بالكلام الذي قيل عني، والذي حطمني فعلاً، وقد يكون عبء الخجل من الفشل أثقل من أيِّ عبء آخر، ولم أشعر بالخجل من عائلتي فحسب؛ بل شعرت به من الخارج أيضاً من الكنيسة التي كنت أذهب إليها، ومن الأصدقاء المتدينين الذين ألغوا متابعتي على وسائل التواصل الاجتماعي.

ربما قد شعرتَ بالمثل، وقد تكون من عائلة ملتزمة أيضاً؛ وإن لم تكن سعيداً في زواجك لا تفكر في الطلاق؛ لأنَّه قد يهين الآباء والأعمام والجدات وأبناء العم؛ إنَّهم يظنون أنَّ الأمر لا يتعلق بك؛ بل يتعلق بالعائلة.

ربما قد شعرت بهذا الشعور في العمل، وبنظرة الآخرين إليك، وبالطريقة التي تنخفض بها الأصوات عندما تقترب، فأحياناً يكون الخجل عبئاً صعباً جداً لا يمكن تحمله بقدر صعوبة تحمل انتهاء العلاقة، وتوجد حالات أخرى عديدة في الحياة تضطر فيها إلى التعامل مع انتهاء شيء ما تهتم لأمره، سواء كان علاقة عاطفية أم حتى صداقة والخجل من هذه التجربة.

شاهد: 7 طرُق للتخلُّص من الخجل بشكل نهائي

 

لا داعي للخجل:

لقد توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة، وتجنبت الرسائل، ورسائل البريد الإلكتروني، ولم أكن أريد أن أشعر بالذنب، ولا بالخجل؛ فجرحي ما يزال في قلبي ولم يبدأ في الالتئام بعد.

لم أعطِ فرصة لأيٍّ من هذه المشاعر، ولقد راودتني أفكار بأنَّ كلَّ من حولي سيهمسون، ويتحدثون فيما بينهم بأنَّ ابن القس لم يفهم معنى الزواج يا له من أمر مخجل، إنَّه شخص فاشل، لكنَّ هذا الأمر ربما لم يكن سيحدث، أو على الأقل ليس إلى هذا الحدِّ.

في النهاية، أدركتُ أنَّ كثيراً من الخجل الذي شعرت به كان مُختلقاً، ولقد صنعت قصصاً وأحداث وأسباباً للخجل في أعماق عقلي، وبعد زرع مثل هذه البذرة في العقل، يصبح من الصعب قتلها؛ إنَّه عشب ضار ينبت في جميع أنحاء العقل، وأنا أعتقد أنَّني أضفت مزيداً من الخجل أكثر من أيِّ شخص آخر.

الآن بعد سنوات، رأيت أنَّ الخجل الذي شعرت به لم أكن بحاجة إلى أن أشعر به، ولم يكن من الضروري أن يكون شديداً جداً ومضرَّاً ومحبطاً لهذه الدرجة.

قد لا يحتاج بعض من خجلك من العلاقات الفاشلة إلى أن يكون منهكاً أيضاً، نعم من المستحيل الهروب ممَّا تجلبه العائلة لك؛ لأنَّهم سيجدون طريقة لإخبارك برأيهم؛ إنَّه الخجل الخارجي الذي تقول لنفسك بأنَّه موجود ولا داعي للقلق بشأنه؛ إنَّه ليس أمراً سيئاً مثلما تعتقد وقد لا يكون موجوداً على الإطلاق.

كان لدي عدة أشياء كنت سأغيرها بشأن الطريقة التي تعاملت بها مع الطلاق، مثل الطريقة التي عزلت نفسي بها، والأفكار السامة التي أغرقت عقلي بها عن الذنب والألم، فإذا كنت تمرُّ بشيء مشابه في الوقت الحالي، فاعلم أنَّ الخجل الذي تشعر به ليس من الضروري أن يكون موجوداً، وكذلك الخجل القادم من عائلتك هو بسبب أنانيتهم، والخجل القادم من الغرباء هو بسبب سوء فهمهم.

في الختام:

إنَّ ألم خسارة العلاقة حقيقي وسيبقى دائماً، لكن لا تهتم بالعقول التي تجلب لك الخجل، فقط ركِّز على نفسك وعلى شفائك؛ لأنَّ أولئك الذين يهتمون لأمرك، ويفهمونك سيظهرون، ويقفون بجانبك لإخراجك من حزنك؛ لذلك لا تهتم لأيِّ شيء آخر.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى