يحيى الرخاوى ونجيب محفوظ.. حينما يتعلم الطبيب من المريض
ثقافة أول اثنين:
كان الدكتور يحيى الرخاوى هو طبيب نجيب محفوظ بعدما فقد القدرة على الكتابة بصورة طبيعية إثر محاولة اغتياله الأثيمة التى تعرض لها كاتبنا الكبير فى 14 أكتوبر 1994، وكان الرخاوى يتابع هذه التدريبات التى بدأها محفوظ بإصرار عجيب أدهش طبيبه.
وفى هذا السياق، قال الراحل يحيى الرخاوى من قبل لـ”اليوم السابع”: “كنت حريصا على صيانة كل تدريباته، كراسة بعد كراسة خوفا من تشتتها أو ضياعها، وقد احتفظت بها حتى سلمتها رسميا إلى لجنة الحفاظ على تراثه، وقد بدأ التدريب على إعادة الكتابة بعد واقعة الاعتداء الأثيمة فى 25 يناير 1995، أى بعد تعرضه للاغتيال بثلاثة أشهر، وظل يكتبها حتى الثامن من أكتوبر 1998، وبلغت 250 صفحة من الكراسات، وكتب عليها الدكتور يحيى الرخاوى ما يقرب من 1340 صفحة من التعقيب.
ومؤخرا، قال الدكتور يحى الرخاوى، لـ”اليوم السابع” أنه ما يقال حول تأهيله ومساعدته لعميد الرواية المصرية والعربية نجيب محفوظ ليتمكن من الكتابة، أمر غير صحيح، مضيفا “فلا أنا قمت بتأهيل هذا العملاق الرائع، ولا أنا جعلته يستعيد قدرته على الكتابة، بل لعل العكس هو الصحيح، فهو الذى عالجنى، وصحح لى كثيرا من آرائى وأخذ بيدى وضمد جراحى، وشجعنى بطيبة وتلقائية وأبوة لا مثيل له”.
وأوضح الرخاوى أن نجيب محفوظ هو “الذى بدأ تدريباته حتى دون أن يستشيرنى أو يخطر أحدا من أصدقائه، أما دورى فى هذه الجزئية فهو أننى كنت أتابع ما يكتب يوميا تقريبا لمدة سنوات، وهو يواصل ذلك بإصرار عجيب برغم ضعف نظره وقصور حركة يده وذراعه نتيجة للحادث، فراح يواصل حتى كتب أغلب أحلام فترة النقاهة بيده شخصيا”.
المعروف أن الدكتور يحيى الرخاوي، يعد علما بارزا في الطب النفسي، إلى جانب إسهامته الأدبية من مؤلفات نقدية ومقالات فكرية، وقد ولد فى نوفمبر 1933، وتلقى تعلميه فى مدرسة مصر الجديدة الثانوية، ليلتحق بعدها بكلية طب قصر العيني ويتخرج فيها1957.
وكانت بداية الرخاوي متخصصا بالأمراض الباطنية؛ لكنه حوّل وجهته إلى الأمراض النفسية ويحصل على دبلوم التخصص بها عام 1961، ويواصل لينال دكتوراه الطب النفسي عام 1963، ويصبح كبيرة أستاذ للطب النفسي بجامعة القاهرة، ويتولى منصب كبير مستشاري دار المقطم للصحة النفسية منذ عام 1973.
أما عن نشاطه الثقافى، فكان الرخاوي عضوا مؤسسا للكلية الملكية للأطباء النفسيين، ورئيس مجلس إدارة جمعية الطب النفسي التطوري والعمل الجماعي، عضو الهيئة العليا للأدوية، وكان رئيس التحرير المشارك المجلة المصرية للطب النفسي، كذلك تحرير مجلة “الإنسان والتطور” في عام 1980، ونال عضوية اللجنة العليا للرقابة على المصنفات الفنية، كما اختير مستشارا للنشر بالهيئة العامة للكتاب.
ومن مؤلفات الرخاوى: مبادئ الأمراض النفسية، علم النفس فى الممارسة الطبي، حياتنا والطب النفسى، اللغة العربية والعلوم النفسية الحديثة، هيا بنا نلعب يا جدى سويا مثل أمس، وعن نجيب محفوظ، قدم الرخاوى كتاب “أصداء الأصداء: تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية”، الذى صدر عن المجلس الأعلى للثقافة، وكتاب “تبادل الأقنعة.. دراسة فى سيكولوجية النقد”، وصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.