اللمحة في شرح الملحة لمحمد بن الحسن الصائغ تحقيق محمود أمين السيد
اللمحة في شرح الملحة لمحمد بن الحسن الصائغ تحقيق محمود أمين السيد
صدر حديثًا كتاب “اللمحة في شرح الملحة”، شرح “ملحة الإعراب” للحريري، تأليف: “شمس الدين محمد بن الحسن الصائغ” (ت 720 هـ)، تحقيق: “محمود أمين السيد”، نشر: “دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع” بيروت، لبنان.
وهذا الكتاب شرح لمنظومة (ملحة الإعراب) للحريري؛ التي تعد من أوائل المنظومات النحوية التي وصلت إلينا كاملة؛ ولقد طبقت شهرتها الآفاق، إذ تناولها جمعٌ من العلماء شرحًا واختصارًا وإعرابًا.
وقد تميز هذا الشرح لمحمد بن الحسن الصائغ بكثرة عرضه للمسائل النحوية، وأقوال العلماء، ومناقشتها، وكثرة شواهده، وتنوعها.
وكتاب “ملحة الإعراب” للحريري أرجوزة في النحو، تقع في 377 بيتًا؛ التزم فيها أن يأتي في آخر كل باب بمثال يوضحه ليمكن تفهمه بعد إيراد الأحكام والشروط المستوفاة، ومطلعها:
أَقُولُ مِنْ بَعْدِ افْتِتَاحِ القَول
بحمد ذي الطول شديد الحول
|
وقد شرحها “الحريري” نفسه بشرح ميسر، غلب عليه السهولة والوضوح في عرض مادة الكتاب وكذلك الإيجاز والتركيز دون ذكر أوجه الخلاف بين النحاة، واعتمد الاستشهاد بالآيات القرآنية والحديث النبوي والشعر.
وقد تميز شرح “الصائغ” لمنظومة “الحريري” عن غيره من الشروح بميزات:
1- التوسع في الشرح قياسًا على نظائره من شروح (ملحة الإعراب)؛ فبالرغم من أن (ملحة الإعراب) منظومة مختصرة ألفها الحريري للمبتدئين، إلا أن شرح الصائغ لها جعل منها عملًا علميًا حافلًا؛ وخير دليل على هذا: كثرة شواهده، فلقد استشهد بقدر كبير من جميع الشواهد.
2- ومما يدل على توسع الصائغ أيضًا: كثرة إيراده المسائل الخلافية، ومناقشته لكثير من القضايا النحوية؛ فلقد تردد في هذا الكتاب أسماء أشهر النحاة منذ بدء النحو إلى عصر المؤلف.
3- ويضاف إلى ذلك أيضًا: إيراده بعض لغات القبائل العربية.
4- الدقة في نسبته الأقوال إلى أصحابها غالبًا، وببعض الشواهد قليلة الذكر في كتب النحو المتداولة.
5- ومما يؤخذ عليه اعتماده في شرحه على (شرح ملحة الإعراب) للحريري، و(شرح الألفية) لابن الناظم اعتمادًا كبيرًا، وكان الأولى أن يصرح بما نقله منهما، وبخاصة أنه ينقل أحيانا نصوصًا كاملة دون تصرف فيها، ومع ذلك لا يشير إلى المنقول منه.
وقد قام المحقق الأستاذ “محمود أمين السيد” بتحقيق نص المنظومة والشرح، وتخريج الشواهد والأعلام، والتعليق بما يلزم، كما قدم للكتاب بنبذ وافيات حول المنظومات النحوية، وأسماء العلماء الذين صنفوا في النظم النحوي، ومنهج العمل في الكتاب، وترجمتين للناظم والشارح: “الحريري” و”الصائغ”.
والمؤلف هو الإمام، العلامة، النحوي، اللغوي؛ شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن الحسن بن سباع بن أبي بكر المصري الأصل، الدمشقي المولد والوفاة؛ المعروف بـ (الصائغ)؛ – بالياء – وهو غير ابن الصائغ المشهور –كما نص على ذلك السيوطي في “البغية”.
ولد الصائغ في دمشق في شهر صفر، سنة خمس وأربعين وستمائة.
وبالرجوع إلى المصادر التي تناولت حياة الصائغ لم نجد كثير ذكر عن نشأته في طفولته، وشبابه وحياته العلمية، إلا ما ذكر من أنه كان له حانوت بالصاغة يقرئ الطلبة فيه العربية والعروض والأدب؛ وقد أقرأ (ديوان المتنبي) و(الحماسة)، وغير ذلك.
وكان يسكن بين درب الحبالين والفراش عند بستان القط.
وكان حسن الأخلاق، متواضعًا، ذا فضائل.
وكان فيه ود، لطيف المحاورة والمحاضرة.
وكانت حياته حافلة بالتنقل؛ فقد نشأ في دمشق، ثم انتقل إلى مصر، ثم عاد مرة أخرى إلى دمشق.
لم تذكر لنا المصادر من شيوخه إلا ابن أبي اليسر؛ وهو: أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن أبي المجد، مسند الشام، تقي الدين، شرف الفضلاء، التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي. ولد سنة 589هـ، وتوفي سنة 672هـ.
ترك الصائغ مصنفات كثيرة؛ منها:
1- ديوان شعر. في مجلدين كبيرين.
2- شرح قصيدة ابن الحاجب في العروض.
3- شرح مقصورة ابن دريد. في مجلدين كبيرين.
4- القصيدة التائية في نحو ألفي بيت؛ ذكر فيها العلوم والصنائع.
5- مختصر صحاح الجوهري.
اختصر فيه (الصحاح) بتجريده من الشواهد، والإيجاز في الشروح.
6- المقامة الشهابية، وشرحها.
وتوفي الصائغ في داره بدمشق، يوم الاثنين ثالث شعبان، سنة 720هـ، ودفن بباب الصغير، عن خمس وسبعين سنة رحمه الله. وقيل: إنه توفي سنة 722هـ.
وذكر ابن القاضي أنه توفي سنة 721 هـ.
وذكر السيوطي أنه توفي سنة 725 هـ، ووافقه صاحب (كشف الظنون)؛ لكنه ذكر في مواضع أخرى التأريخين الأولين.