صدور “أنا قادم أيها الضوء” للكاتب الصحفى محمد أبو الغيط بعد أيام من رحيله
ثقافة أول اثنين:
أسأل نفسي: لماذا فور إشباع حاجاته الأساسية من طعام ودفء وأمان وجد ذاك الإنسان الأول نفسه منجذبا لفكرة أن يطبع بالفحم وبقايا العظام والشحم آثار قبضته، أو يرسم حيواناته بأشكال فنية بدائية؟
الإجابة: هي أنه أراد أن يقول لمن بعده: لقد كنت هنا.
كلنا تتملكنا تلك الرغبة؛ رغبة الخلود في الحياة، فإن لم نخلد بأجسادنا فلنخلد بآثارنا، ولكلٍّ آثاره.
قد تبدأ آثار الإنسان من تلك الرسوم البدائية، وقد تتعقد لتصبح ملحمة جلجامش المثيرة على الألواح المسمارية، وقد تصبح أهرام الفراعنة، أو كاتدرائيات البيزنطيين، أو مساجد المماليك والعثمانيين، أو الكتابة لكاتب مثلي يشعر بخطر دنو نهايته.
لماذا أكتب؟ أكتب لأن الكتابة هي أثري في الحياة، هي أهراماتي الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة من بعدي؟ الكتابة هي محاولتي لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمي أطول من عدد سنوات حياتي التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليا بـ 14 مليار سنة.
أعرف أني مهما عشت فإن حياتي، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى على شاطئ ذلك الكون الفسيح. لكن الكتابة قد تجعل ذرتي ألمع بين باقي الذرات على الأقل. هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا!.