لجنة أدب الطفل بالشارقة: عدم ملائمة اللغة لـ”اليافعين” أبرز إشكاليات الأعمال المقدمة
ثقافة أول اثنين:
وقالت الدكتورة هنادي سيلط، رسامة مستقلة وأستاذة مشاركة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، إن لغة الخطاب الموجهة للطفل تغيرت، حيث أصبح هناك تنوع للغة البصرية التي نخاطب بها الجمهور؛ فاللغة البصرية لا تختلف كثيراً عن اللغة المكتوبة، إذ يظل لديها نفس العناصر وهي التكوين والتسلسل والصعود والهبوط وحتى النهاية.
وأضافت: “أصبح الموضوع أوسع من ذي قبل؛ فاللغة تغيرت وأصبح هناك تنوع، وبالتالي لابد أن تتضمن الكتب لغة أيسر تساعد الطفل على الفهم”، لافتة إلى أن هناك بعضاً من الملحوظات على الأعمال المقدمة؛ منها أن الغلاف قد يكون أحياناً أقل من مستوى الكتاب، رغم كون الكتاب جيداً جداً، وكذلك تركيز الكتب على الموضة باعتبارها الأفضل بدلاً من الحفاظ على الموهبة الموجودة لديهم.
وأشارت إلى أن بعض الكتب بها مبالغة في حجم الكتاب، رغم أن صِغر حجمه قد يكون أكثر ملاءمة للطفل، بالإضافة إلى أننا وجدنا قوة في بعض الكتب نصاً ورسماً وتجريباً، فإذا كان هذا النوع من الرسم صعب على الطفل لكن هذا لا يمنع كون الكتاب، فضلاً عن احتواء بعض الأعمال على زخرفة وألوان ملائمة لهذه المرحلة العمرية.
وقال سنان صويص، المؤسس والرئيس التنفيذي لجبل عمّان للناشرين، إن وجود 9 أعمال مقدمة في فئة الكوميكس هي رقم قليل مقارنة بما كانت عليه في السابق، فالحاجة إلى “الكوميكس” في السوق العربية مهمة جداً، والأعمال التسعة لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب.
وأضاف: “هناك مجال للناشرين للعمل بمجال الكوميكس، وأيضاً متاح فرصة كبيرة لكتب الطفولة المبكرة؛ فكتب اليافعين تحتاج لطريقة كتابة معينة لأن هناك صعوبة في بيئتنا العربية؛ فماضياً كان هناك سلسلة الألغاز “المغامرون الخمسة”، وكانت تُكتب بشكل يتناسب مع هذا الوقت، لكن حاليا أصبح لدينا فجوة لأن الوعي لدى المؤسسات الحكومية ووزارة التربية والتعليم والأهالي ازداد تجاه كتب الطفولة المبكرة”.
وتابع: “المراحل الانتقالية دائماً ما تكون مراحل إشكالية؛ فالكاتب لا يعرف كيف يخاطب هذه الفئة.. هل بلغة الطفل أم لا، مع أن الأطفال يدهشوننا والمفاهيم لم تعد مفاهيم طفولية كالسابق، وبالتالي أصبحنا أمام تساؤل هو: كيف نخاطب هؤلاء الأطفال بلغة مستساغة لهم ومتناسبة مع احتياجاتهم واهتماماتهم”.
وأوضح أن الرسم أبسط من الكتابة، ومع تجربتنا كناشرين مع من حاولنا العمل معهم في السابق، فدائماً نجد أن هناك نواحي إشكالية كبيرة؛ منها ضعف الدور التحريري في دور النشر بالتوازي مع ارتقاء مستوى كتاب الطفل، غياب الابتكار في الأفكار؛ فأحيانا لا نجد أفكاراً مبتكرة متناسبة بنفس الدرجة مع ارتفاع المستوى العقلي للأطفال، بالإضافة إلى أن بعض دور النشر تفتقر لمنطق الكتابة.. والسؤال هو: هل يمكن لنا أن ننتج أدباً للطفل بمشاكله وحياته اليومية؟.. وبالتالي لابد أن نواكب هذه التحديات.
بدورها قالت مؤلفة كتب الأطفال الإماراتية الدكتورة نسيبة العزيبي، إننا وجدنا في الأعمال المتقدمة للجائزة عدم ملائمة البعض للفئة المتقدمة لها رغم كونها عملاً مميزاً، فمثلاً وجدنا أعمالاً مناسبة بصورة أكثر لـ”الكوميكس” ضمن فئة الكتاب المصور، وأعمالاً مناسبة للكتاب المصور في فئة الطفولة المبكرة، وأيضاً وجدناً كتباً مصورة موجودة ضمن كتب اليافعين رغم أنها جميلة للغاية، لكن هذا يعد خطأً، مشيرة إلى أن اللجنة رأت استبعاد أي كتاب في فئة غير مناسبة له.
وأوضحت نسيبة العزيبي، أن عدم مناسبة اللغة للفئة المستهدفة يعد إشكالية أخرى، فكل شيء يرجع إلى اللغة العربية الفصحى مهما تطورت اللغة، لكن وجدناً كتباً لليافعين- ورغم كتابتها بلغة راقية- لكن الموضوع والفكرة لم يكونا مناسبين لليافعين، فضلاً عن أننا وجدنا في الكتب المصورة ضعفاً في البناء الفني للقصة؛ فالمشكلة دائما في الوسط، ودائماً ما يكون هناك تعجُّل للوصول إلى الحل، لأن النهاية قد تكون في رأس الكاتب ويرغب في الوصول إليها بسرعة.
وأشارت إلى وجود إشكالية أخرى في الأعمال المتقدمة تتمثل في الرغبة في التباهي والاستعراض بالقدرات الكتابية، حيث يحدث هذا في الرواية والأعمال الكبيرة، لكن في الوقت ذاته هذا الأمر لا يخدم الكتاب المصور لأنه يُفقد الطفل اهتمامه ويصعّب النص، مؤكدة أهمية أن تكون اللغة سهلة ومناسبة للأطفال، وأن تتماشى اللوحات مع النص، حتى يظل الكتاب راسخاً في عقل الطفل ولا ينساه مطلقاً.
بدورها، قالت الكاتبة والمُحاضرة بجامعة نيويورك أبوظبي، الدكتورة ليلى فاميليار، إن إشكالية اللغة المكتوب بها الكتاب تعد الأبرز ضمن الملاحظات التي رصدتها لجنة الجائزة، فتقديم كتاب لفئة لا تتناسب مع المستوى اللغوي المكتوب بها هي إحدى المشكلات الموجودة في أغلب الكتب، وكأن الكاتب لا يكتب للطفل الذي عمره 6 سنوات، لكن كأنه يكتب للآباء أو لنفسه.
وأضافت، في استبيان أُجري في أبوظبي على 6 آلاف شخص، توصل إلى واحدة من المشكلات التي تواجه شريحة عريضة من الأطفال القراء وأولياء أمورهم، وهي أن النص ليس على مستواهم، وخاصة اللغة الفصحى التي لا يتحدثها”، لافتة إلى أنه يغيب عن نظر الكُتّاب أن طفل اليوم ليس هو طفل السنوات العشر الماضية، فالانفتاح الذي حدث من الناحية التكنولوجية جعل الطفل لديه إمكانية الوصول لمفاهيم لم تكن موجودة في السابق، وبالتالي فإن عدداً من الكتاب أصبح غائباً عنهم أو غير قادرين على استيعاب قاعدة أن طفل اليوم ليس هو طفل 10 سنوات مضت.
وتابعت الدكتورة ليلى فاميليار، أنه يوجد أكثر من أزمة في موضوع اللغة، لأننا ليس لدينا معايير لغوية أو مؤشرات لتوجيه الكُتّاب إلى المفردات التي يعرفها الطفل في سن معينة، وكيف تزداد بشكل طردي آلاف الكلمات التي يتعلمها الطفل، لكن اللهجة هي اللغة الأم التي يتعلمها الطفل.