Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار وثقافة

توت عنخ آمون.. رحلة الكشف الأثرى العظيم بين التاريخ والتوثيق السينمائى

ثقافة أول اثنين:

“ولا بيوصل ولا بيتوه، ولا بيرجع ولا بيغيب، النيل سؤال.. ومازال ماجاش عليه الرد.. من قد إيه ولفين.. ماقالش عمره لحد” بهذه الكلمات للشاعرة كوثر مصطفى وألحان عمرو أبو ذكرى، تغنى ابن النوبة النجم محمد منير فى فيلم “البحث عن توت عنخ آمون”، بحثا فى رحلة الاكتشاف الأثرى الأعظم فى القرن العشرين، وربما عن سيرة بطل منسى من أبطال العثور على مقبرة الملك الذهبي في وادي الملوك.


 


الفن ليس فقط صورة إبداعية وجمالية، إنما يمكن اعتباره بمثابة تأريخ للأحداث وذاكرة للأوطان، بجانب وظيفته فى الأرشفة والتعليم والتثقيف، والتشويق والترفيه أيضا، لكن ثمة أعمالا فنية حاولت استكشاف أساسا للتاريخ وبناء الحقائق بعيدا عن السائد فى الذاكرة الجماعية، بنت أحداثها بمنأى عن الحكايات التاريخية وتداخلت مع التاريخ الشعبى، ورغم ما يبدو عليه نوعاً من محظور فى المعالجات الفنية، خوفا من الانتقاد لكنها نجحت وحققت المراد. وفى رحلة اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، بحثت السينما المصرية عن حكاية البطل الخفى وراء عثور هوارد كارتر على مقبرة الفرعون الذهبى.


 


“فى إحدى الليالي، كان هوارد كارتر، عالم الآثار البريطانى، الحالم، والساعى لكتابة المجد، يأمل فى كنز جديد، عاما تلو الآخر، اليأس يتملكه والصبر ينفذ رويدا رويدا، جلس يندب حظه، تائها حتى جاءته البشرى: “وجدنا نقوشا فرعونية”، كان ذلك صوت أحد العمال يزف إليه الخبر اليقين، قفز الرجل مهرولا، وكأنه شاب في مقتبل العمر، تواعده حبيبته للمرة الأولى، هكذا تمكن هوارد كارتر من الوصول إلى مقبرة الملك الذهبى “توت عنخ آمون” فى 4 نوفمبر 1922م.


 


أسرع الرجل إلى “الكنز” كما أطلق عليه العمال، فوجد قبرا فرعونيا، وحوائط مزخرفة برسومات مصرية قديمة، كادت الفرحة تخلع قلبه، لكنه لم يهدأ، قرر شق الأنفاق والأخاديد، من أجل الوصول إلى دهاليز الكهف الفرعونى المجهول، الحوائط تبدو على حالتها من آلاف السنين، المكان هادئ ورتيب، يعبر عن عدم دخول أى قدم إليه منذ زمن.. السماء تزف خبر سار، «عظيمة هى عطاياك يا الله» ربما هى أول كلمة هتف بها هوارد كارتر فى صباح 16 نوفمبر 1923.


 


حمل الرسالة إلى كارتر شاب نوبى، «هناك أشياء مهمة وعظيمة في الوادي»، هناك فى وادي الملوك وجد هذا أختاما منقوش عليها اسم ملك لم يُكتشف بعد، الأمر الذي دفع «كارتر» أن يتمسك بالأمل الذى كان بدأ فى فقداته، وفى النهاية نجح فى الوصول إلى مقبرة الفرعون «توت»، ليدخل التاريخ ويكتب تاريخيا جديدا فى مصر، لكن أبناء الأقصر وعلماء الآثار يعلمون تمامًا أن صاحب الفضل الأول ومكتشف المقبرة الحقيقي هو طفل صغير يدعى حسين عبدالرسول، ابن منطقة القرنة الأثرية غرب الأقصر.


 


انقلب العالم رأسا على عقب، الصحافة ملأت الدنيا ضجيجا بأخبار الكشف العظيم، الحكايات رويت والأساطير حيكت عن الملك الذهبى، الكبار والصغار أصبح حديثهم هو ذلك الصغير الذى جاء من بعيد ليعيد أمجاد الفراعين، ويصبح حديث الصحف العالمية، ومادة درامية جاهزة للسرد، صورة “كارتر” تتصدر الصحف العالمية، المحطات والوكالات الدولية تتهافت على الحديث مع العالم الفريد الذى كشف مقبرة أصغر ملوك الفراعنة، حتى السينما لم تنتظر كثيرا لتوثيق الحدث العظيم، وإن نسى جميع ذلك الشاب الفقير الذى حمل بشرة العثور على الملك.


 


السينما احتفت مبكرا بالاكتشاف العظيم، وفى العام التالى مباشرة (1923)، ظهر أول فيلم يحمل اسم الفرعون الذهبى توت عنخ آمون، من إنتاج وإخراج فيكتور روسيتو، وتصوير محمد بيومى، من بطولة فوزى منيب، والممثل الإيطالى أرستيدى هاج أندريا، ليروى قصة اكتشاف المقبرة على يد كارتر، لكنه نسى العمال البسطاء.


 


لكن مثل كل الأحداث تبدأ عظيمة، ثم تبدأ تدريجا فى الخفوت، لكن “توت” لا ينسى، حتى ولو بعد نصف قرن، وكان الصغير قادر دائما على مناطحة الغياب كعملاق، ففي عام 1982م، يعود الملك “توت” فى فيلم تسجيلى للمخرج شادى عبد السلام، عنونه بـ “كرسى توت عنخ آمون”، تحدث عن الغائب والمفقود فى قبر الملك الصغير، وغاب العامل البسيط أيضا، وكأن التاريخ محى الجميع وظل “كارتر”.


 


«تفوت أيام.. تموت أحلام.. تعدي شهور.. تدور الارض.. والدنيا.. وهو يدور ولسه بيجري ويعافر ولسه عيونه بتسافر.. ولسه قلبه لم يتعب من المشاوير» وكان التاريخ أراد إعطاء حسين عبد الرسول جزء من حقه المهدور رغم مرور السنوات، لكن الباحث فى التاريخ لا يكل من الوصول إلى الحقيقة.


 


فى عام 1997، يقدم المخرج والمؤلف يوسف فرنسيس، رؤيته، عبر فيلمه «البحث عن توت عنخ آمون»، من بطولة النجم حسين فهمى، الذى لعب دور هوارد كارتر، فى الفيلم يظهر النجم محمد منير وكأنه صورة غير مباشرة لحسين عبد الرسول صاحب الفضل فى وصول «كارتر» إلى المقبرة، ويعيد العمل حكى أقصوصة من أقاصيص الماضى، من خلال شخصية “جاد” الشاب النوبى النحيل الفقير الذى جاء إلى الأقصر، وتزوج فيها من طايعة “اليتمة” التى جسدتها النجمة جيهان نصر، ليتقابل مع الخواجة “كارتر” كما أسماه، ليرافقه فى حلمه الكبير، ويشارك رغم بساطته فى كتابة تاريخ مجيد، تاريخ اكتشاف مقبرة الملك الذهبى توت عنخ آمون.


 


الفيلم يحكى عن قصة انتدب كارتر للعمل مفتشا للآثار بالجيزة، فأرسل الكبير معه الشاب جاد ليخدمه ويراقبه فى الوقت نفسه، وليرسل أخباره للكبير، مما طمئنهم لإخلاصه لأجدادهم، وانه يحبهم بالفعل ويغير عليهم. ثم فاجأت “طايعة” آلامُ الوضع وأجرى الدكتور حسين بعمل قيصرية لها، مما أصابه بالإجهاد وهو كبير السن، فبعد إتمامه العملية بنجاح سقط ميتا، فأطلقت طايعه على وليدها إسم حسين، عاد كارتر للجرنة وساعده الكبير فى الوصول لمكان الملك الصغير وأمده بأعداد من العمال لإتمام سرعة العمل، وعثر كارتر على المقبرة، وأغلقها وجعل أهل الجرنة حراسا عليها، ومنع أى يد عابئة تقترب منها، وفى عام ١٩٢٢ أخرج الملك توت عنخ آمون ليبهر العالم.


 


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى