معارك الألم والحزن والحسرة.. ما الذى حدث في معركة طريف بالأندلس؟
ثقافة أول اثنين:
اشتهرت هذه المعركة عند العرب باسم “طريف” وعند الإسبان باسم “معركة ريو سالادو”، وقاد المسلمون فيها السلطان أبى الحجاج يوسف بن أبى الوليد بمعاونة “المرينيين” القادمين من دول المغرب العربى بقيادة “أبى الحسن على” من جهة، وبينما تولى “ألفونسو الحادى عشر” قيادة جيوش القشتاليين وتولى قيادة جنود مملكة البرتغال “ألفونسو الرابع”.
تعود الخلفية التاريخية لهذه المعركة كما جاء في كتاب (الأندلس من السقوط إلى محاكم التفتيش) لأحمد محمد عطيات: “كان الأندلسيون كلما أحسوا بخطر النصارى يحدق بهم هرعوا إلى الاستنجاد بإخوانهم في الدين في العدوة المغربية من بني مرين، وكان هؤلاء يقومون بالدور الذي كان يقوم به المرابطون والموحدون من الجهاد في أرض الأندلس، وفي عهد أبي الحجاج يوسف كثرت غزوات النصارى لأراضي المسلمين”، مشيرا إلى أن “ألفونسو الحادي عشر كانت تحركه نحو المملكة الإسلامية أطماع عظيمة، فاستنجد أبو الحجاج بأبي الحسن، سلطان المرينيين، الذي أرسل ابنه أبا مالك إلى الأندلس، فاخترق سهول الجزيرة الخضراء معلناً الجهاد – على حد قول الكاتب – واجتاح الأراضي وحصل على غنائم لا تحصى”.
حدثت هذه المعركة بعدما كثرت الغزوات ضد المدن المسلمة، وكانت لمملكة قشتالة أطماع كبيرة، مما أشعر السلطان يوسف باشتداد وطأة القشتاليين، وضعف وسائله فى الدفاع فدفعه ذلك للإرسال إلى السلطان أبى الحسن على ملك المغرب، فأرسل له الإمدادات ليتقدم داخل الأراضى القشتالية إلا أن جيشا متحالفا مع القشتاليين والأرجوانيين والبرتغاليين فاجأه فى طريق عودته، فأدى لنشوب معركة دموية سنة 1339 هزم خلالها المسلمون هزيمة فادحة وقتل قائدهم الأمير أبو مالك، ابن الملك أبى الحسن على، مما دعا والده الملك للعبور إلى الأندلس بنفسه ليثأر لهزيمة ولده المؤلمة، وبالفعل وصل أراضى الأندلس فى يوليو من عام 1340 م والتقى به السلطان يوسف بقوات الأندلس.
وفى الـ 30 من أكتوبر عام 1340 اشتبك الفريقان فى معركة عامة على ضفاف نهر سالادو وتولى خلاله السلطان أبى الحسن قيادة الجيش وتولى السلطان يوسف قيادة فرسان الأندلس، فى ذات التوقيت كان الملك ألفونسو الحادى عشر يقوم بمهاجمة المغاربة ليشتبك فرسان الأندلس مع الجيش البرتغالى، وكانت الغلبة والقوة لصالح الجيش الإسلامى قبل أن تقوم حامة طريف بعملية التفاف حول الجيش الإسلامى من الخلف الأمر الذى قلب موازين القوى وأربك الجيش الإسلامى بأكمله، ليسقط من المسلمين فى تلك المعركة عدد ضخم ويسقط معهم معسكر سلطان المغرب وبه أولاده ونساؤه وحشمه، وذُبحوا جميعا، وفر السلطان أبو الحسن إلى المغرب مرة أخرى، وعاد السلطان يوسف إلى غرناطة مرة أخرى، ليتم اسقاط الأندلس.
وخسر المسلمون في مثل هذا اليوم معركة طريف واستشهد عدد كبير من المسلمين منهم والد المؤرخ ابن الخطيب الغرناطي وأخوه، ومن العلماء القاضي محمد بن يحيى بن بكر الأشعري، وقد تحدثت المصادر عن معركة طريف ونتائجها المؤلمة ووصفتها بحالات الألم والحزن والحسرة وتعابير منها “الوقيعة العظمى” و”الكائنة الشنعاء”- وفقاً لما جاء في كتاب (تاريخ بلد الأندلس في العصر الإسلامي) لمحمد بشير حسن العامري.