جمهورية بريطانيا.. تحول إنجلترا للنظام الجمهورى هل سمعت عنه؟ اعرف القصة
ثقافة أول اثنين:
“الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس” جملة كانت تقال لوصف إمبراطورية بريطانيا العظمى، حيث امتدت أراضيها إلى جميع أرجاء العالم حتى أن الشمس كانت دائمًا تسطع على جزء منها على الأقل، وهى الجملة التى لا يزال الكثير من سكان بريطانيا يتداولونها بكل فخر على اعتبار أنهم أقدم ممالك أوروبا وأكثرها استقرارا على النظام الملكي.
لكن ربما الذى لا يعرفه الكثيرون أن بريطانيا العظمى تلك الإمبراطورية الكبرى تحولت إلى جمهورية لعدة سنوات بعد حرب أهلية طاحنة تم فيها الانقلاب على الحكم السياسى وتحولت من ملكية إلى جمهورية.
تبدأ القصة عام 1625، حين تقلَّد تشارلز الأول الحكم خلفًا لوالده جيمس الأول، وكان عنيدًا ومتحفظًا وأخرق سياسيًّا، وعلى مدار الخمسة عشر عامًا التالية، أثارت السياسات الدينية للملك حفيظة رعاياه، رآه معارضوه ميالًا إلى الكاثوليكية مخالفًا معتقدات الكنيسة الإنجليزية التقليدية، المعتنقة المذهب “الكالفيني”، شعر البروتستانت فى عهد “تشارلز الأول” بالتهديد، إذ آمنوا بوجود “مؤامرة ملكية شريرة” تهدف إلى إعادة الكاثوليكية إلى إنجلترا وتحطيم حريات الشعب.
امتدت تلك المخاوف إلى أسكتلندا، حين أراد تشارلز الأول فرض كتاب جديد للصلاة عام 1637، ما قوبل بمقاومة شديدة تعامل معها الملك بالقوة العسكرية، واندلع تمرد مسلح فى أيرلندا عام 1641، قتل فيه الأيرلنديون المئات من الإنجليز والاسكتلنديين البروتستانت المقيمين فى بلدهم، لتصاب إنجلترا بحالة تخبط جعلت من الصعب التوصل إلى تسوية سياسية.
أمام التمرد الأيرلندي، دخل الملك والبرلمان فى صراع جديد: من منهما يجب أن يقود الجيش لسحق التمرد؟ لتندلع حرب أهلية داخل إنجلترا فى أغسطس 1642، بين القوات الموالية للملك والقوات الموالية للبرلمان.
امتدت الحرب الأهلية الإنجليزية بين عامى (1642-1651) وهى سلسلة من الحروب الأهلية والمكائد السياسية دارت بين البرلمانيين والملكيين، بشأن حكم إنجلترا.
حرّضت الحربان الأولى (1642-1646) والثانية (1648-1649) أنصار الملك تشارلز الأول ضد أنصار البرلمان، بينما شهدت الحرب الثالثة (1649-1651) قتالاً بين أنصار الملك تشارلز الثانى وأنصار البرلمان المتبقي، انتهت الحرب بانتصار البرلمانيين فى معركة ورسيستر فى الثالث من شهر سبتمبر عام 1651.
وكان تشارلز الأول، استطاع الفرار سنة 1647 م، لتندلع الحرب الأهلية مرة ثانية، كان الملك قد أقام تحالفا جديدا مع الاسكتلنديين، فى مقابل إعطائهم بعض الحريات الدينية، إلا أن قائد الثوار أوليفر كرومول استطاع أن يحسم الموقف بصورة نهائية هذه المرة عام 1648 م. قام الأخير بعقد جلسة خاصة للبرلمان، بعد أن تم انتقاء أعضائه من بين أنصار الثوريين، أصدر حكم بإعدام الملك، لتضرب عنقه فى وايتهل، بالقرب من وستمنستر عام 1649 م.
وأدت الحرب إلى ثلاث نتائج: محاكمة وإعدام الملك تشارلز الأول (1649)، نفى نجله تشارلز الثانى (1651) واستبدال الملكية الإنجليزية بكومنولث إنجلترا أولاً (1649-1653) ثم بالمحمية تحت حكم أوليفر كرومويل (1653-1658) وابنه ريتشارد لفترة قصيرة (1658-1659)، فى إنجلترا، انتهى احتكار كنيسة إنجلترا للديانة المسيحية فى البلاد، بينما اتحد المنتصرون فى آيرلندا وخلقوا ما عُرف بالهيمنة البروتستانتية. أما دستورياً، خلقت الحرب سابقةً تاريخية، فلم يعد بإمكان الملك حكم البلاد بدون موافقة البرلمان، على الرغم من أن فكرة السيادة البرلمانية لم تُخلق بشكل قانونى حتى الثورة المجيدة عام 1688.