ذكرى رحيل نيتشه.. تعرف على أهم أفكاره عن أخلاق السادة والعبيد
ثقافة أول اثنين:
بدأ حياته بدراسة فقه اللغة الكلاسيكي، قبل أن يتحول إلى الفلسفة، وفى عمر الرابعة والعشرين أصبح أستاذ كرسي اللغة في جامعة بازل في 1869، حتى استقال في عام 1879 بسبب المشاكل الصحية التي ابتلي بها معظم حياته، وأكمل العقد التالي من عمره في تأليف أهم كتب، في عام 1889، وفي سن الرابعة والأربعين، عانى من انهيار وفقدان لكامل قواه العقلية وعاش سنواته الأخيرة في رعاية والدته وشقيقته، حتى توفي عام 1900.
يحتل بحث نيتشه التاريخي في تطور النظم والأحكام الأخلاقية الحديثة مكانة مركزية في فلسفته، خاصة في كتابيه ما وراء الخير والشر وجينالوجيا الأخلاق.
رأى نيتشه أنه قد حدث تحول أساسي في التاريخ البشري من التفكير في “الجيد والسيء” إلى التفكير في “الخير والشر”، ورأى أن هناك أنواعا عدة من الأخلاق نشأت عن كون مصادر الأخلاق عديدة، وأن المعايير والقيم الأخلاقية يخلقها أناس مختلفون.
يقدم نيتشه النمط الأخلاقي الذي يسميه “أخلاق السادة” باعتباره النظام الأصلي للأخلاق، وهذا يحيل إلى هوميروس اليوناني، فمعنى أن تكون “جيدا” هو أن تكون سعيدا وأن تحظى بالأشياء التي تجلب السعادة: الثروة والقوة والصحة والسلطة وما إلى ذلك، وأن تكون “سيئا” يعني أن تكون مثل العبيد الذين يحكمهم الأرستقراطيون فهم: فقراء، ضعفاء، مرضى، مثيرون للشفقة؛ وهم موضع شفقة أو اشمئزاز لا كراهية.
تأتي أخلاق العبيد كرد فعل على “أخلاق السادة”، حيث تنبثق القيمة من التباين بين “الخير والشر”: فالخير يكون مرادفا لحسن العلاقة مع الآخر والصدقة والتقوى وضبط النفس والذكاء والتقدم؛ أما الشر فيرادف الدنيوية والقسوة والأنانية والغنى والعدوانية.
يرى نيتشه أخلاق العبيد متشائمة وجبانة، وأن قيمهم لا تهدف إلا للتخفيف على أنفسهم وعلى أولئك الذين يعانون الشيء نفسه، ويربط نيتشه بين أخلاق العبيد والتقاليد اليهودية والمسيحية، وأن أخلاق العبيد ولدت من حسد وحقد العبيد.
ويعتقد نيتشه أن فكرة المساواة سمحت للعبيد بالتعايش مع وضعهم دون أن يكرهوا أنفسهم، ومن خلال إنكارهم للتفاوت الطبيعي بين الناس (في النجاح أو القوة أو الجمال أو الذكاء) اكتسب العبيد طريقة للهروب عن طريق توليد قيم جديدة ترفض ما يعتبر مصدرا للإحباط، للتغلب على شعورهم بالدونية تحت قيم “أخلاق السادة”. فيرى العبد أن ضعفه مسألة اختيار، ويسمي ضعفه “وداعة”.
ويؤكد نيتشه فى كتبه أن أخلاق العبيد هي مصدر العدمية التي شاعت في أوروبا، فأوروبا الحديثة والمسيحية هي في حالة من النفاق بسبب الخلاف بين أخلاق السادة وأخلاق العبيد، وهما قيمتان متناقضتان تحددان قيم معظم الأوروبيين.